لبنانيون يعودون إلى قراهم في جنوب لبنان، 26 يناير 2025 (رامز دلة/الأناضول)

العربي الجديد

يواكب الجيش اللبناني لليوم الثاني على التوالي عودة أهالي جنوب لبنان إلى القرى الحدودية، مع استمرار الزحف البشري وسط رفض المواطنين استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم بعد انتهاء مهلة الستين يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وعلى الرغم من مواصلة جيش الاحتلال خروقاته، خصوصاً مع إعلان تمديد الاتفاق لغاية 18 فبراير/شباط المقبل، يستكمل الجنوبيون مسيرة العودة رغم المخاطر، بعدما شهد أمس الأحد يوماً دامياً بالرصاص الإسرائيلي، أدى إلى استشهاد 24 شخصاً، بينهم عسكري في الجيش اللبناني.

وأفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 24 شهيداً، بينهم ستّ نساء، وجرح 134 شخصاً، بينهم 14 امرأة و12 طفلاً، في اعتداءات العدو الإسرائيلي يوم أمس الأحد، خلال محاولة مواطنين الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة في جنوب لبنان. وأشارت إلى أن “غرفة عمليات وزارة الصحة العامة كانت طوال ساعات نهار أمس على تنسيق وثيق مع الجهات المعنية كافة، لا سيما المستشفيات والجهات الإسعافية الموجودة على الأرض، لتأمين نقل كل جريح بأسرع وقت ممكن إلى أقرب مستشفى متاح، حيث يتوفر العلاج الذي يحتاج إليه”. واليوم الاثنين، أفادت الوزارة بإصابة شخصين في بلدة بني حيان، أحدهما طفل والآخر بحال حرجة، جراء اعتداءات العدو الإسرائيلي خلال محاولة مواطنين اليوم الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة. 

وفي متابعة ميدانية للعودة، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ”العربي الجديد” إن “الجيش يواكب عودة الأهالي إلى القرى والبلدات الحدودية في جنوب لبنان التي خرج منها الاحتلال، وندعو الجميع إلى التزام توجيهاتنا حفاظاً على سلامتهم”. ويضيف: “الخروق الإسرائيلية لا تزال مستمرة، من هنا أهمية التزام الناس بتوجيهات الوحدات العسكرية”.

ويشير المصدر إلى أن “القرى التي دخلنا إليها حتى الساعة هي بني حيان، وحولا، وميس الجبل، ومارون الراس، وعيترون، ويارون، وراميا، والضهيرة، ويارين، وأم التوت، والزلوطية، والطيبة ودير سريان، وبيت ليف، وحانين، والقنطرة، وعيتا الشعب، والقوزح”. أما القرى التي لا تزال قيد الاحتلال، وفق المصدر، فهي اللبونة، ومروحين، وبليدا، ومحيبيب، ومركبا، وكفركلا، والعديسة، ورب ثلاثين، وطلوسة، وتلة الحمامص، وسردا، والوزاني، والعباسية، والمجيدية، وبسطرة، والسدانة، وبركة النقار، ودير ميماس”.

من جهته، يقول رئيس بلدية كفرشوبا في جنوب لبنان قاسم القادري لـ”العربي الجديد”: “لقد دعونا المواطنين إلى العودة بشكل رسمي اليوم بإشراف الجيش اللبناني، لكن ظروف العيش غير متوفرة، ونسبة الدمار كبيرة”، مستطرداً: “مع ذلك، المواطنون يريدون العودة رغم كل شيء، هذه أرضهم”. ويشير القادري إلى أن حوالى 160 وحدة سكنية دُمّرت نهائياً، وهناك نحو 300 منزل متضرر بشكل مباشر وغير صالح للسكن، والبلدة متضررة كثيراً، فلا كهرباء، ولا مياه، ولا صرف صحياً، ولا طاقة شمسية، ولا حتى دكاكين”.

سياسياً، عرض رئيس الجمهورية جوزاف عون، صباح اليوم الاثنين، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، التطورات في الجنوب، ونتائج الاتصالات الجارية لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي من القرى والبلدات المحتلة. وكان لبنان قد أعلن تمديد وقف إطلاق النار مع إسرائيل إلى 18 فبراير، كاشفاً أن الولايات المتحدة الأميركية ستبدأ مفاوضات لإعادة المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية الذين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وقال ميقاتي في بيان منتصف ليل الأحد – الاثنين: “تشاورت مع الرئيس جوزاف عون ورئيس البرلمان نبيه بري في شأن المستجدات الحاصلة في الجنوب، وفي نتيجة الاتصالات التي جرت مع الجانب الأميركي المولج رعاية التفاهم على وقف إطلاق النار، وبعد الاطلاع على تقرير لجنة مراقبة التفاهم التي تعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، فإن الحكومة اللبنانية تؤكد الحفاظ على سيادة لبنان وأمنه، واستمرار العمل بموجب تفاهم وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير، كذلك، تتابع اللجنة تنفيذ كل بنود تفاهم وقف إطلاق النار وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701”.

وختم: “إضافة إلى ذلك، وبناءً على طلب الحكومة اللبنانية، ستبدأ الولايات المتحدة الاميركية مفاوضات لإعادة المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية الذين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر”. وجاء بيان الحكومة في لبنان بعد إعلان البيت الأبيض، مساء الأحد، أن “اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، الذي تراقبه الولايات المتحدة، سيظل ساري المفعول حتى 18 فبراير، وستبدأ الدول الثلاث مفاوضات لإعادة اللبنانيين الأسرى بعد 7 أكتوبر 2023”.

امتعاض في أوساط حزب الله وحركة أمل

وشكّل إعلان الحكومة اللبنانية منتصف الليل تمديد وقف إطلاق النار حالة امتعاض في أوساط حزب الله وحركة أمل، خصوصاً أن موقف لبنان الرسمي كان رافضاً ذلك حتى ساعات المساء، وهو ما عبّر عنه عون بنفيه “المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلامية من أن العدو الاسرائيلي أبلغ لبنان أنه سيبقى في خمس نقاط حدودية مدة 15 يوماً، مشدداً على أنه أبلغ لجنة مراقبة وقف إطلاق النار رفضه ذلك.

ويقول عضو كتلة التنمية والتحرير (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) النائب قاسم هاشم لـ”العربي الجديد”: “لا قرار بتمديد وقف إطلاق النار، بل هناك توجّه إسرائيلي أميركي بذلك، ولن أعلّق على الموقف الذي صدر منتصف الليل”. ويضيف هاشم: “الناس مصرّون على العودة، ونرى المشهد لليوم الثاني على التوالي، ومحاولة الدخول رغم تهديدات العدو، وأكبر دليل ميس الجبل، رغم منعهم من التقدم، ها هم يدخلون اليوم بمواكبة الجيش اللبناني”. ويشير إلى أن “لبنان بالمبدأ رفض التمديد، ولم أطلع على بيان الحكومة”.

من جهته، يقول مصدر نيابي في حزب الله، لـ”العربي الجديد”، إنّ “التمديد الذي أُعلن لوقف إطلاق النار لا يعني تمديد بقاء جيش الاحتلال”، مؤكداً أن “العودة مستمرة”.

لقاءات ميقاتي

إلى ذلك، بحث ميقاتي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس – بلاسخارت، اليوم، في التطورات الراهنة، لا سيما موضوع تنفيذ القرار 1701، بعد تمديد مهلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. كما اجتمع مع وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، وكان عرض لأعمال الدراسة والتقييم الفني للطرقات الدولية، والرئيسية، والثانوية، والداخلية للبلدات والقرى المتضررة بفعل العدوان في الجنوب.

ويتضمن التقييم الهندسي للطرقات المتضررة، بحسب حمية، أولاً: تقسيم الجنوب إلى مناطق من القطاع الشرقي إلى قطاع الغربي، مروراً بالقطاع الأوسط، لإنجاز الدراسة في أقل مدة زمنية ممكنة، والقيام بمسح شامل للطرقات، وما لحق بها من أضرار في هيكلية الطرق، والبنى التحتية من هاتف ومياه وصرف صحي، وأقنية وعبارات وجدران دعم وكهرباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *