يقول المثل الفلسطيني “الحرامي يخاف على منزله والزاني على زوجته”.
وهذا المثل ينطبق على صهاينة الشتات مع فارق أن المنزل ليس منزلهم بالأصل. وهذا يكفي لتأجيج اللاشعور بداخلهم لتقديس الأمن والحفاظ على ما سرقوه وزيادة السرقة.
وهذا يفسر زيادة وتيرة أحداث الضفة الغربية بعد التوقيع على الاتفاقية الأخيرة بين حركة حماس ودولة الاحتلال. من زيادة وتيرة بناء البؤر الاستيطانية وإقامة الحواجز وأعمال الهدم والحرق والتعدي على الأرض، والأعمال الوحشية الأخرى تجاه الشعب الفلسطيني من قبل عصابات المستوطنين، وكل ذلك بذريعة الأمن وإبعاد ما تسميه دولة الاحتلال “إرهابي” وكأن الأرض أرضها هي وذلك المقاوم هو الذي جاء من الشتات ليزعزع أمنها.
وقد كتب “يوحنان تسوريف” من INSS عن العملية الأخيرة في جنين ” في ٢١/يناير أطلق جيش الاحتلال عملية السور الحديدي في مخيم جنين للاجئين بهدف الحفاظ على حرية التحرك في الضفة الغربية وتفكيك البنى التحتية للإرهاب،
كما وردت في بيانات الجيش أن رئيس الوزراء ووزير الأمن أوضحا أن العملية تجري بتوجيه من الحكومة لإحباط العمليات الإرهابية وتعزيز الأمن في الضفة الغربية”.
واستدرك قائلا “جاءت هذه العملية بعد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ…”.
ومع أن اليهود يدركون هشاشة ما يقومون به من عمليات إرهابية ضد صاحب الأرض الشرعي، وأن هذه العمليات لن تحمي دولتهم المزعومة، إلا أنهم ما زالوا يقومون بها ويفشلون. بدليل ما صرح به الدكتور “ميخائيل ميلشتاين” الخبير في الشأن الفلسطيني حينما وجهت إذاعة fm ١٠٣ له سؤالا مفاده “هل كان بإمكان اسرائيل تدمير القدرات العسكرية لحماس؟”
فأجاب الدكتور بأن “النموذج الحربي الذي أدير هنا خلال الأشهر الخمسة عشر الأخيرة، لا يقربنا من الهدف. يمكنني القول أن الصفقة أنقذتنا من الغرق في حرب استنزاف بلا حدود ودون استراتيجية واضحة ومحدودة”.
فما قاله الدكتور فيه اعتراف بفشل جيش الاحتلال خلال خمسة عشر شهرا في القضاء على قدرات حركة حماس بالرغم من كل ما ارتكبوه من جرائم في غزة والفشل نفسه سيتكرر في الضفة الغربية وبالتالي فإن مؤدى عملياتهم في حماية دولتهم من الغرق هو الفشل ودخولها في حرب استنزاف طويلة تبقى فيها مستوطنات الغلاف خالية من سكانها بسبب انعدام الأمن والخوف من صواريخ المقاومة الفلسطينية.
لكن يبدو بأن هذه الدولة الهشة كالذبابة
تتمتع بذاكرة ضعيفة لا تتجاوز ثلاث ثوانٍ فقط، فحين تهشها، تحلق حولك وتعود لتحط على نفس المكان سريعا لأنها قد نست الضربة الأولى، وتظل هكذا حتى تفقد حياتها بإحدى الصفعات الصائبة.
فهذه الدولة بعد غزة اتجهت نحو الضفة الغربية وبدأت بجنين، وكأنها عادت لتُصفع الصفعة القاتلة هذه المرة، فينطبق عليها المثل القائل “مش كل مرة تسلم الجرة”.
والتاريخ لا يرحم مثلما يقولون.. فكيف لهذا العدو أن ينسى دلال المغربي التي لم تتجاوز العشرين من العمر حين قادت عشرة من الفدائيين يوم ١١/مارس/١٩٧٨ على طريق حيفا- “تل أبيب” ضمن عملية كمال عدوان ،وقتلت ٢٤ يهوديا وجرحت العشرات. واعتبرتها دولة الاحتلال مجزرة أطلقت عليها “مجزرة الطريق الساحلي”. وكانت قد تسببت في إغلاق المدارس وفرض حظر التجوال على أكثر من ٣٠٠ ألف شخص في المنطقة. وسادت الفوضى، فأطلقت الشرطة النار على الجيش واختلط الحابل بالنابل..حتى علق طالب يساري في الجامعة العبرية على تلك الحادثة بقوله
” ماذا سيفعل بيغن بعد أن جاءوا من البحر؟ هل سيقيم المستوطنات هناك؟”
ويقصد بالذين جاءوا من البحر دلال المغربي ومن معها، حيث انطلقت العملية من لبنان عبر البحر وصولا إلى حيفا في زوارق مطاطية.
فالعمليات الفدائية سابقا لم يوقفها بناء المستوطنات، واليوم لن يتغير هذا النهج، فآلاف البؤر الاستيطانية لن توقف العمليات الاستشهادية، كما أن مئات الحواجز والهدم والحرق والخنق والتضييق لن ينجح في ردع المقاومة الفلسطينية لا في غزة ولا في الضفة الغربية بما فيها مخيماتها ولا قراها ولا مدنها، مثلما يظن “بن غفير” و “سموتريتش” ومن أمامهم “ترامب” الذي رسمت له أحلامه الاستيلاء على غزة وتحويلها إلى سنغافورة لاستثماراته. بعد التخلص من أصحابها المتجذرين في أرضها بعد دفعهم فواتير باهضة من الدم والفقد والتشريد…