“الإنترنت النسوي:

           ”  نحو المساواة والتمكين في زمن النزاعات “

بقلم    نيرمين البحطيطي

رئيس مجلس امناء مؤسسة حياة للتنمية / أستشاري تأهيل ودمج مجتمعي

 

في ظل التطورات الحالية في العالم، تأتي أهمية فهم مفهوم الإنترنت النسوي ودوره في نشر ثقافة السلام والحوارحيث يمكن تعريف الإنترنت النسوي بأنه حركة أو جهود تستخدم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز المساواة والعدالة الجنسية، وتمكين النساء، وتعزيز السلام والتعاون الإنساني.

ويساهم أيضا في تعزيز الحوار وفتح قنوات الاتصال كمنصة مثالية لتعزيز الحوار والتواصل بين النساء والرجال حول قضايا السلام والنزاع.

يمكن لهذه المنصات توفير فرصة للتعبير عن وجهات النظر المتنوعة وتبادل الخبرات والأفكار للتعاون على إيجاد حلول للنزاعات وتعزيز ثقافة السلام.

ونشر الوعي حول قضايا السلام والنزاع، وذلك من خلال توفير المعلومات والتحليلات والتقارير حول النزاعات وتأثيرها على النساء والمجتمعات و تعزيز التضامن بين النساء في مناطق النزاع من خلال تبادل الخبرات والدعم المتبادل و تحقيق العدالة والمساواة من خلال تعزيز حقوق النساء في الحصول على العدالة والمساواة في القانون والمجتمع. يمكن للإنترنت النسوي توفير منصة للنساء للتعبير عن تجاربهن ومشاكلهن والعمل على إيجاد حلول لها وتقديم  المعلومات والدعم والتوجيه للنساء، بالإضافة إلى تحدي الأنماط الثقافية والسلطوية القائمة.

يمكننا ايضا من خلال الاوضاع الراهنة رصد  تأثيرات الأنترنت النسوي على عملية اتخاذ القرار وصياغة السياسات المتعلقة بالسلام والنزاع، من خلال توفير المعلومات والتحليلات والأفكار التي تعكس مصالح النساء وتطلعاتهن في هذا الصدد ونجد أن هذا المجال يمثل مساحة هامة لتمكين النساء وتمكينهن من المشاركة الكاملة في نقل الخبر والتأثير على العالم الرقمي والمجتمع بشكل أوسع.

وهوكمنصة للتمكين الخبري  يسمح للنساء بنقل الخبر من وجهة نظرهن وتوجيه الحوار بشأن القضايا التي تؤثر عليهن مباشرة. على سبيل المثال، رأينا  تأثيرات الأنترنت النسوي المتعددة في تحقيق التعاطف والفهم الكامل لأحوال النساء في مناطق مثل غزة، والسودان حيث استخدام الإنترنت للتعبير عن جرائم الحرب ضدهن وتوثيق
تجاربهن ونقل الأحداث التي تحدث في محيطهن، وهذا يعطي صوتًا أقوى لمطالبهن بالسلام والعدالة
.

فـ على سبيل المثال خرجت فرح الكردي التي يتابعها أكثر من مليون شخص، في مقطع فيديو باللغة الإنجليزية تتحدث عن تطورات الوضع في فلسطين، وعلقت عليه قائلة: «إسرائيل تأمربإجلاء مليون شخص من غزة خلال 24 ساعة!!! العالم لا يكتفي بالمشاهدة بل بتزوير الحقيقة!»،

وبالمثل حرصت نورات طارق السيد التي يتابعها أكثر من مليون شخص على إنستجرام بنشر مقطع فيديوبهدف دعم القضية الفلسطينية، التي دعت من خلاله متابعيها بضرورة نشر المحتوى الذي يدعم الشعب الفلسطيني خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الغربي .

بيسان عودة حكواتية وصانعة محتوى فلسطينية تعيش في قطاع غزة، حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال لغة إنجليزية، تحمل لقب سفيرة الإتحاد الأوروبي للنوايا الحسنة. منذ بداية الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 2023 وهي تنشر الصور والفيديوهات عبر حسابها الشخصي على موقع إنستجرام باللغتين العربية والإنجليزية وتوثق المجازر والأحداث في القطاع الناشطة السودانية حنين أحمد أيضا أحد مؤثري الأنترنت النسوي أستخدمت مواقع التواصل ومنصاتها كوسيلة للحديث عن تحديات الحرب بالسودان علي النساء السودانيات اللواتي ظللن يدفعن ثمنا باهظا للحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عام وصنوف من  الانتهاكات ويعانين من التداعيات الكارثية للحرب

وتحاول النساء بلا توقف التوسع في نشر الأنترنت النسوي كوسائل للمقاومة وتحدي الأعراف والتأثير وتواجه تحديات متعددة  

فالنساء في الأزمات والحروب  ظهرن مهارات البقاء على قيد الحياة والقيادة والإبداعية وقد تتضمن هذه التحديات قيودًا على الوصول إلى الإنترنت، وضعف البنية التحتية للاتصالات، وتهديدات الأمن الرقمي. لذا، يتطلب العمل على تعزيز الإنترنت النسوي تعاونًا مشتركًا بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لتوفير الدعم اللازم لتطوير البنية التحتية للإنترنت وتعزيز الأمان الرقمي للنساء.

تقول الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية إن النساء من بين أسوأ ضحايا الحرب، ويتضح هذا في لسودان حيث تحذر منظمة الصحة العالمية من وجود أكثر من 4 ملايين امرأة وفتاة معرضات لخطر العنف الجنسي جراء الحرب، وفي قطاع غزة تحديدا حيث تشير تقديرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى مقتل امرأتين كل ساعة .

تحقيق الإنترنت النسوي يتطلب أيضًا دمج الاختلافات والتعددية في المجتمعات. يجب أن يكون الإنترنت مساحة شاملة تحتوي على تعددية الأعراق والثقافات والجنسيات والأوجه
والهويات الجنسانية والاجتماعية. يجب أن يتم توجيه الجهود نحو تشجيع التفاعل بين
النساء من مختلف الخلفيات وتعزيز الاحترام المتبادل والتفاهم
.

لذا، في ختام هذا المقال، يبرز دور الإنترنت النسوي كأداة حيوية في بناء مجتمعات أكثر استقراراً وشفافية، حيث تسهم في تسليط الضوء على قضايا النساء وتمكينهن، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. بوصفها وسيلة فعّالة للتمكين، تعتبر الإنترنت النسوي أداة
قوية لنقل الخبر وتعزيز السلمية. لذا، يجب علينا أن نستمر في العمل على تطوير هذا
المجال وتعزيز الوصول إليه، بهدف بناء مجتمعات أكثر شمولية، تسامحية، وتقدمية
.Top
of Form

 

By نيرمين البحطيطى

المدير التنفيذي لمؤسسة حياة للتنمية http://lfdci.org/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *