ما أكثر تلك المؤتمرات التي تسمى بالإسلامية وهي أبعد ما تكون عن الإسلام.
مؤتمر ١٩٩١ كان واحدا من هذه المؤتمرات.
لقد كان من ضمن المخططات الأوروبية والأمريكية التي حيكت للمسلمين، الضغط على المؤتمرات الإسلامية.
ويشهد التاريخ بأنه في العام ١٩٩١ وهو العام الذي انعقد به مؤتمر القمة الإسلامي في مدينة داكار، أن هذا المؤتمر أقدم على إلغاء الجهاد من النهج الإسلامي تحت ضغوط أوروبية أمريكية وتخاذل إسلامي وتغافل تام بان هناك أرض عربية مسلمة محتلة اسمها، فلسطين. ووسط تجاهل تام للمكان المقدس الذي عرج منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج، حيث أصبح مرتعا لقطعان المستوطنين المتطرفين يدنسونه متى ما طاب لهم ذلك.
فأين كان المؤتمر والقائمون عليه عندما ألغوا فريضة الجهاد من الآية الكريمة * وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم*
أم أن المؤتمر لا يعتبر الصهيوني عدو، وبهذا يعترف له ضمنيا بأن وجوده شرعيا. وبالتالي يمنحه الحق في الأرض وملكية المقدسات؟
أين من ألغى الجهاد اليوم من “بن غفير” ومستوطنيه الذين نصبوا أنفسهم على المسجد الأقصى وبدأوا إجراءات بناء الهيكل المزعوم مكانه؟
أين هم من يوم ١٣/اغسطس/٢٠٢٤ وهي ذكرى ما يسمى “خراب المعبد” حيث أدى مئات المستوطنين طقوسا دينية خاصة، بما في ذلك خرافة “السجود الملحمي” وهو الانبطاح الكامل على الأرض وتم في هذا اليوم على حجارة المسجد الأقصى باعتباره هيكلا قائما “محل سكن الرب” على حد زعمهم، تعالى الله عن ذلك.
حيث تأتي خطورة السجود المزعوم في تصريح “بن غفير” حيث قال “لقد أحرزنا تقدما كبيرا في مجال الحكم والسيادة..لقد شاهدنا اليوم اليهود يصلون هنا بحرية، كما قلت سابقا، سياستنا هي السماح بالصلاة لليهود في الأقصى”.
وهل أفعال وتصريحات “بن غفير” تعني شيئا غير نيته بقيادة الحكومة المتطرفة على هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم؟ فأين من ألغى الجهاد ضد هؤلاء من قوله تعالى*أذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا وأن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره. إن الله لقوي عزيز*.
وقول الله تعالى هو القول الفصل، فبعد تهجير أهل فلسطين من أرضهم وارتكاب المجازر وتهديم المساجد وتدنيس المقدسات من كفار الأرض وأنجاسها، هل بقي خيار غير قتال المعتدي؟
وهل جاء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر إلا استجابة لما أمر الله به من قتال لهذا المعتدي، بعد أن تمادى وزاد تماديه بعد أخذه الضوء الأخضر من المسلمين أنفسهم عندما ألغوا الجهاد وركنوا إلى الدنيا ومغرياتها فأصابتهم متلازمة الذل والهوان؟ فكفروا عن هذه المتلازمة بالإدانات والخطابات والمظاهرات التي يتابعها العدو شامتا من أمة كانت تسيّر جحافل الجيوش من أجل صرخة امرأة مسلمة في أقاصي الأرض.
فلسطين اليوم ليست بحاجة إلى خطاباتكم ولا مظاهراتكم التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي فقط تقول لكم رحم الله الإمام زين الدين الهروي الذي حرك الرأي العام ضد الصليبيين حين وصل إلى حلقة ذكره رهط من أهل بيت المقدس بعد ارتكاب مجازر بأهله عام ١٠٩٩ ، حاملين معهم نسخة المصحف الشريف الذي أودعها الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بيت المقدس.
فما كان من الإمام إلا أن مضى من دمشق إلى رأس الأمر في بغداد حيث الخليفة العباسي. فاقتحم ترفه وحرك المسلمين واستنفر هممهم حين نادى بالجهاد والتحرك إلى بيت المقدس حيث يُقتل المسلمون هناك على يد الصليبيين.
وبالفعل تحرك جيش على رأسه القائد مودود التونتكين نحو الشام.
فأين ائمة الإسلام من إعلان الجهاد وسط الإبادة الجماعية بحق أهلنا في غزة والضفة الغربية، ووسط استباحة المقدسات من صهاينة الشتات ولصوص الأرض من أناس لا يشبهون الأرض التي لم تقبل بهم يوما؟