يدلّ واقع اليهود على أنهم لا يؤمنون باليوم الآخر، أي بالحياة بعد الموت، وبالتالي فهم ينفون فكرة خلود الروح.
مع أن اليهودية في الأصل تؤمن بأن الروح لا تفنى بعد الموت. حيث كانت إشارات ذلك موجودة في “الكتاب المقدس”، غير أن هذه الإشارات حُذفت منه خلال انعقاد مجمع نيفية المسكوني في القسطنطينية عام ٥٣٣م.
حيث قاموا بتحريفه بهدف جعل المراد من اليوم الآخر ما ينعكس على المؤمنين به في الحياة الدنيا. أي أن هناك حياة ثانية في هذه الحياة لن تحصل إلا حينما تتحقق “نبوءاتهم التوراتية” التي تؤذن بوقوع حرب نووية عالمية في الشرق الأوسط، والتي ستكون حرب كونية هائلة “أرماجدون”، ستقع بين قوى الخير وقوى الشر في منطقة مجدو داخل مرج بن عامر في فلسطين. وهي المنطقة من وجهة نظر اليهود التي هُزم فيها تحتمس الثالث الهكسوس. وبقيام هذه المعركة سيتاح لهم أن يعيشوا الحياة الثانية حيث الأمان والرخاء والأموال التي يحلمون بها.
وعقيدة مثل هذه العقيدة، بالتأكيد ستصنع حرصا على الحياة وتشبثا بها لا مثيل له، لذلك نجدهم يهلعون من الموت ويتهالكوا على الحياة.
فإيمانهم بعدم وجود حياة بعد الموت يدفعهم لتقديس الحياة الدنيا، بل ويعتبرون هذا التقديس واجبا عليهم.
ولذلك فهم يهتمون بالمال وجمعه. فيكنزون الذهب والفضة ويكثرون من التزين بهما.
كما نجد كثرة الأسماء التي تشير إلى أسماء المشتغلين بها، مثل جولد وجولد مان وسيلفر وسيلفر باوم ودياموند وغيرها. ونجدهم يتعاملون بالتمائم التي تحمل كلمة “لحايم” بالعبرية وتعني الحياة.
ومن شدة تمسكهم بالحياة شاع عندهم الدفن فوق مستوى الأرض.
وهم بذلك عكس من يؤمن بخلود الروح والحياة بعد الموت وما ينتظر صاحبها من نعيم مقيم. لذلك فهذا المؤمن لا شيء أحب إليه من الانتقال إليها.
وإذا كان الموت هو البوابة لتلك الحياة فلا أحب إليه من اقتحامها للوصول إلى المطلوب وهو الجنة.
والطبائع التي جُبل عليها اليهود لا تسمح لهم بمجابهة ذلك الذي يطلب الموت، وجها لوجه. وهذا الأمر تم ذكره في القرآن الكريم أكثر من ذي مرة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو.. لماذا انتصر اليهود على العرب عام ١٩٤٨؟.
والجواب يكمن أن العرب قاتلوا اليهود تحت راية القومية لا الإسلام. ناهيك عن أن الجيوش العربية جميعها كان يقودها الإنجليزي “كلوب باشا” في مسرحيات هزلية لا تمر أحداثها على عاقل.
فكيف لها أن تنتصر؟
أما اليوم وبعد السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ فلا عجب أن نجد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا زالت تحرز الانتصار تلو الانتصار بعد مرور ٤٤٤ يوما على بدء المعركة، بأسلحة بسيطة مقارنة بما تمتلكه ترسانة العدو من أسلحة فتاكة وقاتلة.
فالدافع هو الإسلام، ومعظم الفصائل تقاتل من منطلق عقيدة. وهذه العقيدة هي التي ترهب اليهود.
لذلك نجد أكثر معاركهم أي اليهود من الجو وعن طريق الطائرات والصواريخ أو من مدافع الدبابات.
ومؤخرا يستخدم هذا العدو الجبان الروبوتات والمسيرات. يرتكبون المجازر والإبادة الجماعية والتهجير القسري والتطهير العرقي، يستميتون على الحياة ويعتبرون كل ما يرتكبونه من أعمال وحشية بحق الأبرياء أسبابا ليعيشوا الحياة المؤبدة التي تجنبه الموت، لذلك يتجنب القتال في الميدان.
والمعركة الحقيقة هي المواجهة وجها لوجه في الميدان وقد خسروها أمام المقاومة، ونتيجتها محسومة لهذه المقاومة، وخاصة كتائب القسام لما أحرزه مجاهديها من انتصارات كثيرة منذ بداية الطوفان وقد أتينا على ذكرها في أكثر من مقال.
والجدير بالذكر أن مجاهدي القسام نفذوا مؤخرا في مناطق الشمال وخاصة في جباليا عمليات طعن بالسلاح الأبيض من مسافة صفر وعمليات استشهادية بالأحزمة المتفجرة. وذلك طبيعي فالجنة تتراءى أمامهم وشتان بينهم وبين من تتراءى الدنيا ومغرياتها أمامهم ويرهبهم الموت وأسبابه.