قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن اليمن رفض الانضمام إلى التحالف الأميركي
مستحضراً تاريخاً متراكماً من الوساطات والدعم، يُعول رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، د.رشاد العليمي، على «خبرة المملكة العربية السعودية» لتحقيق السلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين، واستعادة اليمن الذي يعاني ويلات الحرب لمدة تقترب من 10 سنوات، منذ انقلاب الجماعة المدعومة من إيران في سبتمبر (أيلول) 2014 حتى اللحظة.
من قصر «معاشيق» الرئاسي الواقع على الواجهة البحرية للمحيط الهندي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، التقت «الشرق الأوسط» رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الذي قال للحوثيين: «ارفعوا الحصار عن تعز أولاً»، إذ يرى أن هجماتهم البحرية أفادت إيران وليست غزة. كما تحدث عن أسباب رفض اليمن المشاركة في التحالف الأميركي لمجابهة التهديدات الحوثية للملاحة الدولية.
وقال العليمي إن «السعودية بذلت جهوداً كبيرة لإقرار السلام في اليمن خلال السنتين الماضيتين، وحتى قبل ذلك»، مشيراً إلى أن «المملكة حاولت إقناع (الميليشيات الحوثية) بالانخراط في عملية السلام (مع الحكومة)».
وخلال حديثه، أعرب العليمي مرّات عدة عن «تقديره لجهود السعودية»، مؤكداً أن «الرياض كانت دائماً تدعم مصلحة اليمنيين»، مستشهداً بدور المملكة في «تسوية الصراع في اليمن إبان ستينات القرن الماضي والتي أسفرت عن اتفاق المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين عام 1970». ويقول: «لدى المملكة تجربة وخبرة تراكمية نعوّل عليها وعلى رؤية السعودية لما فيه صالح اليمن واليمنيين».
مجلس سلام لا حرب
طوال عامين، قضاهما العليمي على رأس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، حرص على التجاوب مع دعوات السلام. وقال: «أعلنّاها صراحةً بعد تشكيل المجلس، أنه مجلس سلام وليس مجلس حرب، وباركنا جهود السعودية، لأن السلام مصلحة يمنية وإقليمية ودولية».
يرأس العليمي مجلساً يضم سبعة أعضاء من مختلف القوى السياسية والتشكيلات العسكرية المناهضة للحوثيين، نُقلت السلطة إليه من جانب الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، في 7 أبريل (نيسان) 2022، في محاولة لتكوين «حكومة شرعية» تتولى إدارة البلاد وحسم الصراع.
وأسفرت جهود الوساطة السعودية بمشاركة عمانية، عمّا وصفها العليمي بـ«خريطة طريق يمكن البناء عليها أساساً لعملية السلام». ويقول إن «المملكة ناقشت نقاطاً عدة مع الجماعة والحكومة، وبعد جدل ومفاوضات خلصت إلى مادة تشكل أساساً يمكن البناء عليه لعملية سلام».
ويترقب الرئيس «أن تدفع خريطة الطريق السعودية نحو عملية سلام شاملة، مستندةً إلى المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية المتمثلة في قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي أُكِّد عليه أخيراً، عبر قرار آخر أدان هجمات جماعة (الحوثي) على السفن المارة في البحر الأحمر».
ويطالب قرار مجلس الأمن رقم 2216، في مادته الأولى، جميع الأطراف اليمنية، لا سيما الحوثيين، بالتنفيذ الكامل للقرار رقم 2201 والقرار2015 والامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدر مجلس الأمن قراراً بإدانة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، نصَّ على «إدانة توفير الأسلحة والمواد ذات الصلة من جميع الأنواع للحوثيين في انتهاك للقرار 2216». ودعا إلى «مزيد من التعاون العملي لمنع الحوثيين من الحصول على المواد اللازمة لمزيد من الهجمات».
حرب غزة
بينما كانت مساعي تسوية النزاع تسير في اتجاه التوافق على بنود رئيسية، جاءت هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وأعقبتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لتلقي بظلالها على الأزمة اليمنية، وتزيد من تعقيدها. وذكر العليمي أن «اليمن تأثر بالحرب في غزة»، مشدداً على أن «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل وفقاً لمبادرة السلام العربية، هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، بعيداً عن خلط الأوراق». ويوضح أن «هناك مشروعين في المنطقة؛ الأول تنمية ونهضة تقوده السعودية ومصر والإمارات، والآخر تدميري فوضوي تنفّذه ميليشيات مسلحة»، لافتاً إلى أن «أحد أوجه هذا الصراع تسبب في تشريد نحو 5 ملايين شخص داخل وخارج اليمن».
ويُحمل رئيس مجلس الحكم اليمني إيران «المسؤولية عن أزمات المنطقة»، مشيراً إلى أن «الميليشيات المحسوبة على طهران في اليمن وسوريا ودول أخرى تُغلّب مصالح إيران على مصالح الجميع». ويلفت إلى أن «إيران خططت مبكراً للسيطرة على البحر الأحمر»، لافتاً إلى أنه «سبق وحذر من ذلك في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2022»
عسكرة البحر
يحاول الحوثيون «الهروب» من التزاماتهم الدولية والأممية، بداعي «مناصرة غزة»، هذا ما يقوله العليمي، الذي يقارن بين حصار إسرائيل لقطاع غزة، وحصار الحوثيين مدينة تعز اليمنية. ويقول مخاطباً الحوثيين: إن «الهروب لن يفيد… ارفعوا الحصار عن اليمنيين أولاً». ويضيف أن «هجمات الحوثيين على السفن أدت إلى عسكرة البحر الأحمر، وتشكلت تحالفات واسعة لصد تلك الهجمات، مما تسبب في تراجع معيشة المواطن اليمني، وارتفاع الأسعار، تزامناً مع زيادة تكاليف الشحن نحو ست مرات».