حينما عجز جيش الاحتلال بعد قيام الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧ عن قمع الشعب المنتفض بسلاحه الأبيض، وجد نفسه في ضائقة لم يعرف لها مثيلا في الماضي حيث لم تحدث له مثل هذه الضائقة في حروبه التي خاضها منذ الإعلان عن قيام الدولة الصهيونية.
فندد السياسيون وقتها وكان من بينهم وزراء حكومة بهذا الجيش، واتهموه بقصر اليد والضعف ونقص الحنكة لدى قادته. وقد كان الوزير “إسحاق موداعي” من أشد المهاجمين عنفا. حيث قال “إذا كان الجيش غير قادر على تنفيذ قرار القضاء على الانتفاضة، فليقل ذلك صراحة على لسان قادته”.
كما أن صحيفة المستوطنين وقتها لم تتردد في اتهام الجيش بأنه يخدع الحكومة ويحملها مسؤولية الجمود في محاربة الانتفاضة.
أما اليوم في حربه على غزة ،فيحدث العكس من جهة من يتحمل مسؤولية إخفاق الجيش هناك.
فجيش العدو منذ بداية حربه على غزة وهو يحرز الفشل تلو الآخر. فقد فشل في شمال القطاع ووسطه وجنوبه. ولم ينجح في تحقيق أهداف حكومة نتنياهو.
فخسائره كانت كبيرة في الضباط والجنود والآليات العسكرية. ومشاكل الانضباط لدى الجنود تسببت أيضا في طرد المتسبب بها، ما أدى إلى زيادة النقص في عدد الجيش. وهذا أدى إلى بروز الأزمات الخطيرة التي أعطت مؤشرا على فشل عميق له في هذه الحرب، وخاصة حرب الميدان التي يخوضها بهدف تدمير أنفاق المقاومة الفلسطينية وبالتالي القضاء على حماس. وكان سبب الفشل في الميدان بسبب المفاجآت التكتيكية من قبل أفراد المقاومة. ومن الأزمات الخطيرة أيضا الاستقالات الجماعية التي شملت عددا كبيرا من الضباط والمسؤولين ورفض الخدمة من قبل كتائب الاحتياط وانتشار الفوضى فيها.
واليوم المتهم الأول والمسؤول عن فشل الجيش الذي يوجه له نسبة من المجتمع اليهودي وقيادة الجيش اصبع الاتهام هو بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة والتي اتهمت غير مرة أنها من يدير الحرب على غزة.
وقد تحدثت بعض القنوات العبرية عن وقوع مواجهات حادة بين رئيس الأركان “هاليفي” ووزراء في حكومة نتنياهو، انتقدوا فشل الجيش في تحقيق أهداف الحرب فى غزة.
أما بالنسبة لدخول رفح فقد كان “هاليفي”
قد أكد على ضرورة تأمين الظروف، غير أن نتنياهو ومن خلفه حزبه أصر على دخولها ،ما يعني أنه يدير الحرب دون تفكير وبهستيريا الهزيمة والتعويض عنها وفرض ما يريده.
وقد تعرضت حكومته كما قلنا لحملة واسعة من الانتقادات من قبل الأوساط داخل دولة الاحتلال جراء فشله في الحربما سيؤدي إلى إنهاء مستقبله السياسي في اليوم التالي للحرب. لذلك فهو لا زال يضحي بالمزيد من عناصر جيشه من أجل إطالة عمر الحرب وبالتالي إطالة عمر حكومته.