الشرق الأوسط
في الوقت الذي أعلن فيه عن أن «الحكومة الإسرائيلية تدرس بقلق شديد احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرات اعتقال دولية ضد قادة من المستويين السياسي والعسكري»، وبدأت وسائل الإعلام العربية والغربية تتناول الموضوع بشكل درامي، كشفت أوساط سياسية في تل أبيب عن أن «المصدر الأول لهذا النبأ هو مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو»، معربة عن اعتقادها أن الهدف منه هو الضغط على حلفائه، أمثال الوزيرين، إيتمار بن غفير وبتسليل سموترتش، وغيرهما من قادة اليمين المتطرف.
وقالت هذه المصادر إن نتنياهو يتعرّض لحملة ضغوط شديدة من الإدارة الأميركية، بلغت أوجها في المكالمة الهاتفية مع الرئيس جو بايدن، والمظاهرات التي تجتاح الجامعات الأميركية وعائلات الأسرى التي تصعّد من خطابها ضده لكي يذهب باتجاه التوصل إلى صفقة لوقف النار وتبادل الأسرى، وفي الوقت نفسه يتعرض لضغوط من مجموعة كبيرة من المتطرفين في حزب الليكود، ومن بن غفير وسموترتش اللذين يهدّدان بالانسحاب من الحكومة. لذا ألقى القنبلة السياسية حول خطر صدور أوامر اعتقال دولية ضده وضد وزرائه ورئيس أركان الجيش كي يحرف النقاش إلى مسار آخر، فيقول: «تهددون بإسقاط الحكومة في وقت يتعرض فيها قادتها إلى خطر الاعتقال».
وفي الوقت نفسه، يستغل الموضوع للتحريض على السلطة الفلسطينية، التي يتهمها بالوقوف وراء رفع قضايا ضد إسرائيل حول ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة والضفة الغربية، حتى قبل الحرب.
وكانت مصادر إعلامية في تل أبيب قد ذكرت نقلاً عن أوساط في الحكومة الإسرائيلية أنها تتوقع إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد نتنياهو، وكذلك ضد وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هليفي هذا الأسبوع.
وبحسب «القناة 12»، فإنه من المرجّح أن يتحقق سيناريو صدور أوامر الاعتقال الذي يتحضر له في مكتب رئيس الحكومة خلال الأسبوع المقبل. وقالت إن نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته، رون دريمر، وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية والنيابة العامة، يجرون اتصالات مكثفة خاصة مع واشنطن لمنع صدور مذكرات اعتقال كهذه.
وقالت صحيفة «معاريف»، إن نتنياهو يحاول بشكل غير مباشر الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن للتحرك بهذا الخصوص. ووفقاً للصحيفة، فإن هناك اعتقادا بأن صدور مذكرة الاعتقال مسألة وقت. وإنه «في نقاشات عاجلة جرت مؤخراً في مكتب رئيس الوزراء، برز قلق جدي بشأن مذكرات الاعتقال».
وأضافت: «من المرجح أن يتم إصدار مذكرات الاعتقال على خلفية الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، بالإضافة إلى تصريحات دول مختلفة بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي، فيما يتعلق بأوضاع السكان المدنيين في غزة وانتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة».
وأفادت «القناة 11» للتلفزيون الرسمي، بأن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عقد يوم الأربعاء الماضي، جلسة سرية بحث خلالها احتمال صدور مذكرات اعتقال دولية بحق قيادات إسرائيلية سياسية وعسكرية، وتقرر اتخاذ سلسلة من الإجراءات تتمثل بإطلاق حملة ضغط دبلوماسية وتفعيل أدوات إسرائيل الدولية لمنع محكمة الجنائية الدولية من إصدار أوامر اعتقال.
ولكن عدداً من كبار الخبراء الإسرائيليين قالوا إن أوامر الاعتقال هذه ليست جدية، وحتى لو صدرت فلن تكون فاعلة؛ إذ إن المسؤولين يتمتعون بحصانة دبلوماسية، ولكنها مؤذية من الناحية المعنوية والإعلامية؛ كونها ستضع إسرائيل في مصاف الدول المنبوذة وستزيد من الاعتداءات على اليهود في العالم وتشوش على الجهود لإقامة سلام إقليمي.
ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً التقت خلاله مجموعة من الخبراء في القانون الدولي، أكدوا فيه أن المدعي العام في محكمة لاهاي، كريم أحمد خان، لم يتخذ قراراً بإصدار مذكرات اعتقال، وحتى لو قرر ذلك فــلكي يتحول قراره إلى مذكرات رسمية يحتاج إلى أشهر عدة. وإذا اتخذ القرار، فلا شيء يضمن أن ينفذ في الدول الغربية.
وأوضح الخبراء أن الإدارة الأميركية لا يمكن أن توافق على إصدار مذكرات اعتقال ضد قادة الجيش الإسرائيلي؛ ولذلك كله فإن المرجح هو ألا يكون هناك شيء جدي في موضوع الاعتقالات، وأن وراء الأمر توجد ألاعيب سياسية.