دمار هائل في مدارس غزة، 23 يناير 2025 (عمر القطاع/فرانس برس)

العربي الجديد

توعّد وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، هذا الأسبوع، بأن “حرب غزة الجديدة”، هذه المرة، “ستكون مختلفة في قوّتها” عن تلك التي سبقت وقف إطلاق النار، فيما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الجمعة، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتزم أن يقدّم للحكومة، في الأيام القريبة، خططه للجولة القادمة من القتال في قطاع غزة.

وكما أن للإبادة “فنوناً” تشمل طرقاً مبتكرة في القتل والتدمير، ومسح مقوّمات الحياة، لجعل مكان ما لا يصلح للحياة، وفي حالة أفعال الاحتلال الإسرائيلي في غزة، تغلب مظاهر الموت على الحياة، يبدو أن آلة سحق الفلسطينيين قد لا تتوقف قريباً، ولكنها تمر فقط بمرحلة “صيانة وتشحيم” إن استطاعت، لحصد المزيد من الأرواح أو دفعها إلى مكان ما خارج غزة، وهو ما يتضح على لسان مسؤولين إسرائيليين، تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح، فضلاً عن وضع جيش الاحتلال خططاً جديدة لاحتلال قطاع غزة على نحو “سريع وكامل”، وهو ما فشل فيه حتى اليوم، رغم كم القنابل غير المسبوق، والمدرعات والطائرات وغير ذلك من العتاد العسكري، في أطول حرب يخوضها منذ إقامة دولة الاحتلال.

وذكرت “يديعوت أحرونوت” أن دولة الاحتلال لن تتمكن من تجنب إدخال الطعام والمعدات الطبية تماماً، لكنها ستحاول تركيز كل سكان غزة في نقطة واحدة وتوجيه المساعدات إليها، ما يعني، بعبارة أخرى، إجبار الفلسطينيين على النزوح الى منطقّة معيّنة تقوم بتحديدها، بذريعة توفّر الغذاء والدواء فيها، فيما تكون بقية مناطق القطاع مناطق قتال، بهدف السيطرة الكاملة على المنطقة.

وستتحقق السيطرة الفعّالة، بتقدير ضباط شاركوا في القتال في غزة، في غضون أشهر قليلة. بعد ذلك، ستكون هناك أشهر أخرى لـ”التطهير”، بمعنى مواجهة المقاومين وتصفيتهم، من حي إلى حي ومن شارع إلى شارع. وستبقى قوات الاحتلال في القطاع دون خروج ودخول، لذلك سيكون هناك حاجة إلى قوة كبيرة تتراوح ما بين فرقتين وثلاث فرق.

كما تشير تقديرات الاحتلال إلى أن بقاء عناصر من حماس في الأنفاق التي لم تدمّر سيستمر، وأن نزع سلاحهم سيتطلب وقتاً طويلاً، وأن من لا يرغب بسيطرة حماس على غزة، ستتوجّب عليه السيطرة على توزيع الغذاء والإشراف العملي على المستشفيات والعيادات، ما يعني احتلالاً عسكرياً حقيقياً. وفي هذه المرحلة، سيُقترح، بطريقة أو بأخرى، على الفلسطينيين الذين سيبقون في الجيوب التي يجرى تقطيع أوصالها، إخلاؤها، لكن لا يعلم أحد إلى أين، خاصة في ظل الرفض الدولي لخطة ترامب لتهجير سكان غزة.

وسيسعى جيش الاحتلال إلى السيطرة على القطاع بأكمله بهجوم سريع. وبخلاف بداية العملية البرية بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عندما كانت القوات متمركزة في الشمال بسبب الخوف من غزو حزب الله، ستكون لدى هيئة الأركان هذه المرة، وفقاً للصحيفة، قوات تسمح باختراق سريع وساحق وقادر عن التطويق، لافتة إلى أنه عند القول “مختلفة في قوتها”، لا يُقصد فقط عدد الجنود على الجبهة، بل يتعلق الأمر أيضاً بمسألة المساعدات الإنسانية.

في الوقت نفسه، نقلت الصحيفة عن مسؤولين في حكومة الاحتلال قولهم إن “المرحلة الثانية (من الصفقة) لن تحدث.. إلا إذا كانت حماس مستعدة للخروج بصفتها سلطة من قطاع غزة”. وفي حال كانت هناك “حرب جديدة على غزة”، الأمر الذي تتحدث عنه تل أبيب باعتباره أمراً واقعاً وحتمياً تقريباً، فسترى أجزاء كبيرة من الإسرائيليين فيها خطوة تعمّق الشرخ بين الإسرائيليين عشية انتخابات مبكّرة، ذلك أنّها تضحّي بالمحتجزين الإسرائيليين الموجودين في الأسر والذين قد يموتون، ولا توافق إسرائيلياً عليها.

وفي وقت لا تملك أحزاب المركز- يسار إجابة واضحة بشأن كيفية الخلاص من حركة حماس إذا نُفّذت المرحلة الثانية من الصفقة وأعيد المحتجزون، فإن حزب الليكود بزعامة نتنياهو لا يملك إجابة أيضاً، وسط تقديرات بأن فرض نظام عسكري في القطاع والقضاء على حماس سيتطلّب وقتاً طويلاً. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي مقرّب من فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تسمّه، قوله: “نعلم أن هذا يمكن أن ينتهي في أفضل الأحوال بـ200 ألف فلسطيني فقط يغادرون (القطاع)”، فيما قال مصدر أمني إسرائيلي: “قد يتسبب ذلك في ضرر. هؤلاء الـ200 ألف هم الأشخاص الذين يمكننا العمل معهم في القطاع، وفق سيناريو معين. هم النخبة”.

بالمقابل، ذكرت الصحيفة أن دولة الاحتلال بحاجة في الحقيقة إلى هدوء معيّن في قطاع غزة، ذلك أن الأولوية الاستراتيجية لها هي أن يكون عام 2025 هو العام الذي تتعامل فيه مع إيران. وأضافت أن المنظومة الإسرائيلية كلها تقول، بصوت عالٍ، إن هناك فرصة للتحرك ضد الإيرانيين. وأعرب مسؤول إسرائيلي لم تسمه الصحيفة عن خشيته من أنه في وقت “بيع الأوهام بشأن نزوح غزة الذي لن يحدث، سيتجه الإيرانيون نحو القنبلة (النووية)”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *