التُقطت هذه الصورة في 16 أكتوبر/ تشرين الأول فوق قرية الظهيرة في جنوب لبنان، وتظهر فيها سحابة دخان على شكل أخطبوط لا تزال مشتعلة، بينما تسقط القذائف السامة نحو الأرض

نقلا” عن BBC

  • بي بي سي الفارسية والعربية
  • Role,بيروت والقاهرة ولندن

على مدى الأشهر الستة الماضية، واصلت إسرائيل إطلاق ذخائر الفسفور الأبيض عبر الحدود على جنوب لبنان. وباعتباره غازا ساما، يضر العينين والرئتين ويمكن أن يسبب حروقا شديدة، وبالتالي يتم تنظيم استخدامه بشكل صارم بموجب القوانين الدولية.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنّ استخدامه لهذا السلاح المثير للجدل ضد المسلحين في كل من غزة ولبنان أمر قانوني. ومع ذلك، تقول جماعات حقوق الإنسان إنه يجب التحقيق في الأمر باعتباره جريمة حرب. ويقول الأمريكيون إنّهم سيحققون في استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض في كلا البلدين.

وباستخدام مثل هذه القذائف على مقربة شديدة من المدنيين، هل تنتهك القوات الإسرائيلية القانون؟ أم أنّ ذلك يعد حقاً خلال الحرب؟

وتحققت بي بي سي بشكل مستقل من الاستخدام المتكرر لذخائر الفسفور الأبيض من قبل الجيش الإسرائيلي، في أربع بلدات وقرى في لبنان بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومارس/آذار 2024.

ومنذ بداية الحرب في غزة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، تصاعد العنف أيضا على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ما أدى إلى سقوط ضحايا من الجانبين وتشريد آلاف الأشخاص.

ويعتبر حزب الله، المتحالف بشكل وثيق مع إيران وحليف حماس، أحد أكثر القوات العسكرية غير الحكومية تسليحا في العالم. وقد قوبلت الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار، التي يشنها مقاتلو حزب الله بشكل شبه يومي، بغارات جوية ومدفعية ثقيلة من قبل الجيش الإسرائيلي بما في ذلك استخدام الفسفور الأبيض.

وعندما يُطلَقُ الفوسفور الأبيض من قذيفته، فإنّه يتفاعل مع الأكسجين لتكوين ستارة دخان سميكة، وهذا يوفر غطاءً فوريا تقريبا للقوات الموجودة على الأرض، ما يحجب الرؤية عن الأعداء. إنّه تكتيك عسكري فعال للغاية وقانوني في ظل ظروف معينة، ومع ذلك، فإنّه بموجب القانون الدولي، تقع على عاتق جميع الأطراف مسؤولية حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.

  • استُخدمَ الفسفور الأبيض من قبل معظم الجيوش الكبرى في العالم في القرن الماضي. وقد استخدمه الاتحاد السوفييتي على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الثانية، وفقا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. كما اعترفت الولايات المتحدة باستخدامه في العراق عام 2004، ثم مرة أخرى في سوريا والعراق ضد داعش في عام 2017. أفادت إسرائيل أيضًا باستخدام المادة الكيميائية خلال هجوم 2008-2009 على غزة. ولكن بعد أن قالت الأمم المتحدة إن الجيش الإسرائيلي “مستهتر بشكل ممنهج” في هذا الشأن، قال الجيش الإسرائيلي في عام 2013 إنه “سيتم إخراج هذا السلاح من الخدمة الفعلية قريبا”.

ومن المعروف أنّ مقاتلي حزب الله يتحركون في وحدات صغيرة، تتألف من شخصين إلى أربعة أشخاص. ويستخدمون الأحراش للاحتماء، وكثيرا ما يطلقون الصواريخ والقذائف عبر الحدود باتجاه الجيش الإسرائيلي المتمركز على الجانب الآخر. وربما يكون غمرهم بالدخان إحدى الطرق التي يستخدمها الإسرائيليون من أجل استهدافهم.

وفي الأيام التي تعرضت فيها قرية علي (الظهيرة) للقصف في الفترة من 10 إلى 19 أكتوبر/تشرين الأول، قال علي إنه لم تكن هناك مجموعات مسلحة في المنطقة.

يقول علي “لو كان حزب الله موجوداً، لكان الناس قد طلبوا منهم المغادرة لأنهم لا يريدون الموت. لم يكن حزب الله موجودا”.

ولم تتمكن بي بي سي من التحقق بشكل مستقل من وجود أو عدم وجود أي جماعات مسلحة في القرية، في الأيام المحيطة بالهجمات.

 

أدلة على الفسفور الأبيض

مباشرة بعد الهجوم على قرية علي (الظهيرة)، بدأت التقارير تظهر على الإنترنت. في البداية، نفى الجيش الإسرائيلي استخدام ذخائر الفسفور الأبيض، لكنّه تراجع لاحقا واعترف باستخدامه ولكن “ضمن القوانين الدولية”.

ومن خلال فحص جميع الأدلة المتاحة، تمكنت بي بي سي من التحقق بشكل مستقل من استخدام الفسفور الأبيض فوق الظهيرة، بالإضافة إلى ثلاث قرى أخرى على طول الحدود في الأشهر الستة الماضية.

هل خرقت إسرائيل القانون؟

لم يتم تعريف الفسفور الأبيض كسلاح كيميائي، وحتى مصطلح السلاح الحارق مثير للجدل.

بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الأسلحة التقليدية، هناك قيود على الأسلحة المصممة في المقام الأول لإشعال الحرائق أو حرق الناس. ومع ذلك، فإن غالبية الدول، بما في ذلك إسرائيل، تتفق على أنه إذا تم استخدام الفوسفور الأبيض في المقام الأول لخلق ستائر من الدخان، وليس الحرائق (حتى لو حدثت عرضيا)، فإن قانون الأسلحة الحارقة لا يعد ساريا.

ومع ذلك، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش لا توافق على هذا الرأي. وتقول إن هناك الكثير من “الثغرات” في اتفاقية الأسلحة التقليدية.

ويقول رمزي قيس، الباحث في هيومن رايتس ووتش “إن اتفاقية الأسلحة التقليدية تحتوي على ثغرات، لا سيما فيما يتعلق بتعريفها للأسلحة الحارقة”.

“ولكن بموجب القانون الإنساني الدولي، يجب على جميع أطراف النزاع اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين. خاصة عند استخدام الذخائر التي تحتوي على الفسفور الأبيض”.

ولتحديد ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي الإنساني، يقول البروفيسور بيل بوثبي، المحامي المستقل والخبير العسكري، إن إحدى المشاكل هي “تضارب الأدلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *