ما هو الوطن ؟
ما هو الوطن ؟ سؤال بسيط طرحته على الكثيرين كانت السمة العامة هو ان المتلقي لسؤال يصاب بالدهشة ثم سرعان ما يعود الى رشده لتعبير والاجابة فكانت الاجابات بغالبيتها تصب في ثلاث متجهات .
منهم من يرى الوطن حيث ينعم برغد العيش ومنهم من يرى الوطن بانه المكان الذي يستطيع العيش فيه بسلام وامان ومنهم من يرى الوطن بانه تاريخ الاباء والاجداد وميراثهم.
في البداية لا بد ان نتعرف على معنى الوطن لنعزز الوطنية
حيث ان العلاقة تنشأ بين الانسان والارض وتشكل علاقة ترابط من خلال وحدة المكان والزمان والتي وصفها اينشتاين بالوحدة الجدلية ( ديالكتيكية ) والمادية الديالكتيكية هي النظرية العالمية المركسية التي بنيت على مفاهيم المدرسة الفلسفية اليونانية القديمة وما يميزها اسلوبها في دراسة الظواهر المادية التاريخية التي هي امتداد مبادئ دراسة علم الاجتماع ومن خلال دراسة هذا المبدء المادي وربطه مع ما يمتلك الانسان من ارتباط وجداني حسب مفهوم ابن خلدون نجد ان مفهوم الوطن بدأ بالتشكل مع الانسان الاول حيث ان الوطن اخذ مفهومه من الانسان الاول عندما قام بدفن موتاه في قطعة ارض وعندما قام بهذه العملية بدأ الارتباط الفعلي بين الانسان والارض من خلال توحد الوجدان الانساني المرتبط بافراد قد دفنوا في مكان معين واستحضار الذاكرة الزمانية والمكانية مما ولد انتماء لهذه البقعة الجغرافية ومن ثمة ازداد عمق ارتباط الانسان بالارض من خلال أنسة الجغرافيا.
حيث ان الوطن مكان مؤنس وهذه الانسة لا تكون فقط بقرب الانسان ممن دفن من اقاربه في الارض بل ايضا بمن يعيش عليها ويستشعر بانه مرتبط معهم اسواء كان هذا الارتباط مع الاسرة والعائلة الممتدة والعشيرة والقبيلة ومحمولياتها من تقاليد ثقافية ودينية ومذهبية واثنية وقومية حيث تشكل كل هذه الحالة مكان مؤنس من خلال وحدة الزمان والمكان الذين هما نسيج الانسان ذاته ومن هنا تصبح الجغرافيا لا تتساوى في نظر الانسان ويصبح لدى الانسان تشبث كبير في التراب الذي يحمل كل المعاني التي ذكرت ومن هنا يتشكل مفهوم الوطن .
وعند البحث في الاجابات على سؤال ما هو الوطن ؟ رأى احدهم ان الوطن حيث ينعم الانسان برغد العيش . واخر راى ان الوطن هو المكان الذي يعيش به بسلام وامان . واخر رأى ان الوطن تاريخ الاباء والاجداد وميراثهم .
فاذا اخذنا الحالة الاولى لشخص الذي يرى ان الوطن هو المكان الذي ينعم فيه برغد العيش سنجد ان ارتباطه بالوطن مقترن بالوضع المعيشي فكلما كان الوضع المعيشي ايجابيا ستجد انه مرتبط بشكل اكبر بالوطن وكلما كان الوضع المعيشي سلبيا ستجد بانه اخذ يبحث خيارات الهجرة والانتقال الى جغرافيا اخرى , وهنا تكمن سوءة هذا المنظور للوطن بأن الانسان في هذه الحالة ينسلخ عن ذاته الزمانية والمكانية لتحقيق بعض المكتسبات الانية التي ستولد لديه الشعور بانه قد فصل عن ذاته بشكل لا شعوري .
اما الحالة الثانية التي ترى بأن الوطن هو المكان الذي يعيش فيه بسلام وامان هي حالة محافظة تحاول عدم الانسلاخ عن ذاتيتها الزمانية والمكانية والحفاظ على استمرار الحالة بغض النظر عن ما يشوب هذه الحالة من معوقات , وتكمن سوءة هذه الحالة باهنة الروح الانسانية او انتقالها الى جغرافيا اخرى في حال اختلال المعيار الذي قدر عليه مفهوم الوطن بهدف حفظ الانا .
اما الحالة الثالثة التي ترى ان الاوطن هو تاريخ الاباء و الاجداد وميراثهم , هذه الحالة منغمسة انغماس كلي في ذاتيتها الزمانية والمكانية لتشكل خط الدفاع الاوحد عن جغرافيتها التي توحد معها لانتاج حالة من العشق المتبادل والانسجام الوجداني بين الانسان وذاتيته المكانية والزمانية لتشكيل رابط قوي بين الانسان والارض ويصبح المنظور الانساني منظور وجداني جياش يدفع بالانسان الى ان يعيش حالة الفداء والتخلي عن الانا ليحفظ جغرافيته في حال تعرضت هذه الجغرافيا لتهديد لانه لا يرى تراب جغرافيته يشابه او يساوي اي تراب اخر في اي جغرافيا اخرى .
في الختام اذا اردت ان تعرف معنى الوطن فالوطن لا شيء وكل شيء
الوطن لا شيء اذا لم تتوحد مع تراب جغرافيته مكانياً وزمانياً
والوطن كل شيء اذا توحدت مع تراب جغرافيته مكانياً وزمانياً
والوطنية تأتي بتعزيز الارتباط الزماني والمكاني في النفس البشرية التي هي جزء من ذاته .
بقلم : نمر حسين الكسابره