د. رائد العزاوي

كتب: د. رائد العزاوي

في ظل أحداث ملتهبة في مختلف الدول العربية، تعقد الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية على امستوى القادة، في مملكة البحرين في محاولة لتجميع  الصف العربي، ووضع حلول جذرية لعدد من القضايا المشتعلة في وطننا العربي. 
وتتجه الأعين على حرب غزة والتي أصبحت قنبلة موقوتة تهدد الدول العربية جمعاء، خاصة في ظل الإصرار الإسرائيلي على اجتياح رفح بريًا، وما سيترتب عليه من أزمات مفتعلة خاصة في ظل تدخل عدة جهات في الحرب في لبنان واليمن وغيرهما، وتتفاقم الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة بسبب تدمير البنية التحتية وحرمان السكان من الحصول على الغذاء والماء والوقود والكهرباء، مما دفع نحو 85% من السكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى الفرار من منازلهم، وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة.
وعبر القادة في مملكة البحرين عن مواقفها الواضح والمبدئي بإقمة دولة فلسطينية قابلة على الحياة ، وبعيدا عن الشعارات والمزايدات الموتورة ، وقدم جلالة الملك رؤوية واضحة ان السلام في فلسطين لن يتم دون ان يكون هناك عمل عربي مشترك يبعد المتطفلين ومنتهزي الفرص ، وان القضية الفلسطينية تحتاج الى وقف الحرب في غزة وعدم المزايدة على مأساة الشعب الفلسطيني ، وقدمت البحرين قيادة وشعب مساعدات لاهل غزة ، واصدر جلالة الملك توجيهات بمساعدة اهل غزة بعد 4 ايام فقط من احداث 7 من اكتوبر ، وأرسلت المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية واللجنة البحرينية الوطنية لإغاثة الشعب الفلسطيني العديد من قوافل المساعدات ولازلت مستمرة بذلك ، فيما عملت الدبلوماسية وبتوجهات مكلية على وقف الحرب وتقديم اكثر من مبادرة لتحقيق قيام الدولتين كحل واساس لترسيخ السلام .

الأوضاع في الوطن العربي

الأوضاع في وطننا العربي ليست على ما يرام، فها هي ليبيا مازالت تعاني ولم يتم احتواء أزمتها رغم الجهود المبذولة من كافة الجهات، فمنذ اندلاع الأزمة الليبية مطلع عام 2011، والانقسامات المستمرة والتدخلات الدولية التي اضرت بالقضية  اضافة الى استغلال  التنظيمات الإرهابية لاتخاذ ليبيا كقاعدة للتمدد والانتشار في شمال افريقيا ودول الساحل والصحراء وأوروبا.

السودان

السودان مازال يعاني من الانشقاق ولم تنتهي الحرب هناك ولم يتم وضع حل جذري لها، حيث اكمل الصراع في السودان عامه الأول اليوم، دون أي بارقة أمل في حل ينهي نزاعًا اندلع في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تاركًا وراءه مأساة إنسانية مروعة.

فمنذ بداية الحرب في السودان وحتى الآن خلفت ورائها أكثر من 15 ألف قتيل، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخل البلاد وخارجها، وطالت أضرار الحرب مختلف الولايات، حتى تلك التي كانت في البداية بعيدة عن الاشتباكات، وأصبح يعاني الملايين من الحصار بسبب الأوبئة والجوع، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كبير، وكانت الأوضاع الإنسانية في السودان متدهورة بالفعل قبل الحرب بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

اليمن

ويتصدر اليمن المشهد السياسي بأزماته التي لا تنتهي، فمنذ عام 2014، تشهد اليمن حربًا أهلية بين حكومة معترف بها دوليًا مدعومة من التحالف بقيادة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران.
ويعاني اليمن من انعدام الأمن الشديد، مع مخاطر عالية على المدنيين بسبب الصراع والغارات الجوية والهجمات على الأرض، وأدى الصراع إلى انهيار العديد من مؤسسات الدولة اليمنية، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.

الأزمة بين إيران وإسرائيل

ووسط هذا وذآك، اشتعل فتيل الأزمة بين إيران وإسرائيل، وتحولت المواجهة بينهما، من مواجهة في الخفاء عن طريق الميليشيات الداعمة لإيران، إلى مواجهة مباشرة العين فيها بالعين، والخراب منها سيعم على الجميع، وهناك دول عربية أصبحت في مرمى نيران إيران، على الرغم من كونها ليس طرفًا في النزاع، لكنها تعاني من تداعياته عليها، ومخاطر استمراره، فمصر والأردن المتضرران الأكبر من عمليات النزوح الفلسطيني من قطاع غزة، وهما الأثنين اللذان سيعانان من فكرة اجتياح رفح البري. 
كما عملت المملكة بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى على ترسيخ السلام في سوريا ومساعدة الاطراف الدولية على ذلك وقدمت مملكة البحرين الدعم السياسي للعراق وشعيه وقيادته ، وعلمت القيادة في البحرين على دعم حكومة المهندس محمد شياع السوداني التي تسعى الى بناء علاقات استراتيجية مع جميع الدول العربية ، وكما الدبلوماسية البحرينية على ترسيخ التعاون بين البدلين بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين . 
أعمال القمة العربية بالبحرين

ووسط كل هذه الأزمات المشتعلة في الدول العربية، تأتي أعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثالثة والثلاثين، والتي تستضيفها البحرين وذلك للمرة الأولى في تاريخ انعقاد القمم العربية العادية والطارئة، والتي من المقرر عقدها في السادس عشر من هذا الشهر .
وتأتي استضافة مملكة البحرين للقمة العربية المقبلة استمرارًا وتأكيدًا لنهج المملكة، في الاهتمام بالدائرة العربية في الدبلوماسية البحرينية وتقويتها، انطلاقًا من الإيمان بأن العلاقات العربية العربية هي مسـألة مصير لأبناء الأمة العربية ككل ولاهل البحرين خصوصا، وأن التعاون والترابط يمثل خيارًا استراتيجيًا لتحقيق الأمن والاستقرار والنماء للشعوب العربية.

وبكل تأكيد، فإن انعقاد القمة العربية المقبلة في مملكة البحرين “بلد السلام” يشكل حدثًا تاريخيًا مهمًا، ولذلك فإن إقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة لاستضافة مملكة البحرين لأعمال دورته العادية الثالثة والثلاثين يكتسب أهمية متزايدة من ناحية التوقيت والمكان، حيث حققت المملكة بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة وولي العهد سمو الأمير سلمان بن حمد نجاحات اقتصادية وتنموية يشار لها بعين التقدير ، اضافة الى جهودة جلالة الملك في دعم العمل العربي المشترك وترسيخ مبادئ السلام والحوار بما يحقق الاستقرار الاقليمي والعربي والدولي.

فمن ناحية المكان، فإن مملكة البحرين تميزت عبر تاريخها بأنها نموذج للسلام والمحبة والتعايش، وأنها ترعى القيم والهوية العربية وترسخها في النفوس، ولا تتأخر مطلقًا في الدفاع عن القضايا العربية العادلة والمصيرية في كل مكان وزمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *