الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، 21 نوفمبر2023 (Getty)

العربي الجديد

يتصاعد الرفض السياسي في الجزائر تجاه تصريحات جديدة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، حول التطبيع مع إسرائيل شرط قيام دولة فلسطينية. وبدأت كبرى الأحزاب السياسية في البلاد، تصدر توالياً بيانات ترفض أي حديث عن التطبيع مع إسرائيل أو الاعتراف بوجودها والتنازل عن جزء من فلسطين التاريخية، فيما أبدت قوى سياسية أخرى تفهمها لتصريحات تبون ومقاصده السياسية، ودعت إلى عدم المزايدة على موقف الدولة الجزائرية.

وفي أحدث هذه المواقف، شدد حزب العمال على رفضه لأي تغيير في الموقف الجزائري حيال القضية الفلسطينية وإسرائيل، مضيفاً “لا يمكننا تصوّر أي تغيير في الموقف الرسمي الجزائري حيال قضيتنا المركزية وبالتالي الكيان المفبرك”. وشدّد على أن “مسؤولية الجزائر دولة وشعباً تكمن في تجريم محاولات التهجير وإسناد الضفة الغربية والقدس والثبات في الموقف التاريخي المساند بصفة لا مشروطة لحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية في الأرض كل الأرض لإعادة تأسيس الدولة الفلسطينية مثلما كانت موجودة قبل القرار الأممي الإجرامي القاضي بتجزئة فلسطين سنة 1947”.

ولفت الحزب اليساري إلى أن أنه يتعين “التذكير بتاريخ شعبنا النضالي الثوري من أجل الانعتاق من نير الاستعمار الاستيطاني وعدم تخلّيه عن أي شبر من ترابنا الوطني يجب أن يبقى بوصلتنا. كما أن الدولة الجزائرية لم تُقِم أي علاقة مع دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا إلى غاية الإعلان رسمياً عن نهاية ذلك النظام الوحشي”، مشيراً إلى أن “الواجب اليوم دعم الشعب الفلسطيني في انتزاع وتوسيع حق العودة غير القابل للتقادم والإسقاط لكافة اللاجئين الفلسطينيين. كما طالب السلطات العليا في الجزائر بـ”التعجيل بإرسال المساعدات من خيم ومستشفيات ميدانية وأدوية وأجهزة طبية وألبسة شتوية ومواد غذائية وكل ما يحتاجه أهلنا في غزة، والسعي من أجل توحيد الصف الفلسطيني لتتصدّى كل مكونات وفصائل الشعب الفلسطيني”.

وكان حزب العمال يعلق على تصريح لتبون قال فيه إن “الجزائر ستكون مستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم ذاته الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة”، مضيفاً أن “هذا يسير في اتجاه موقف أسلافي الرئيسين الشاذلي وبوتفليقة، وقد شرحوا بالفعل أنه ليس لديهم مشكلة مع إسرائيل.همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية”. وأثار تصريح تبون جدلاً كبيراً ونقاشاً سياسياً حاداً، إذ اعتبر قطاع واسع من النخب في الجزائر أنه صدر في توقيت غير المناسب، في ظل أزمة قطاع غزة، وكونه يشوش على مواقف الجزائر وجهودها لصالح القضية الفلسطينية.

وقبل ذلك، كانت حركة مجتمع السلم، أكبر أحزاب المعارضة السياسية والإسلامية في الجزائر، قد أصدرت الليلة الماضية، ومباشرة بعد نشر الحوار مع تبون، بياناً أعلنت فيه “رفضها التام لكل مشاريع التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي، والتي سبق لرئيس الجمهورية أن وصفها بالهرولة المرفوضة نحو التطبيع مع معتدٍ غاشم لا يعترف بحق الشعب الفلسطيني ويسعى إلى تصفية قضيته وتهويد مقدسات الأمة”.

وأكدت الحركة أنه “في ظل المحاولات المشبوهة والضغوط الممارسة من طرف حلفاء الكيان الصهيوني، خاصة أميركا الراعية لأمنه وتوسعة، والصمت الدولي المتكالب على القضية الفلسطينية لجرّ الدول الصامدة ومنها الجزائر إلى مستنقع التطبيع مع الكيان، والرضوخ للضغوط السياسية والإعلامية الهادفة إلى اختراق المواقف السياسية والدبلوماسية الثابتة والمبدئية للدولة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، فإنه يتحتم على الجزائر الثبات والاستمرار في الموقف الرافض للتطبيع والمنحاز إلى الحق الفلسطيني والمنتصر لقضيته العادلة”.

وفي مقابل هذه المواقف الرافضة لتصريحات تبون حول التطبيع، دافعت أحزاب موالية عن موقف وتصريحات الرئيس تبون، فيما تحفظت كبرى أحزاب الموالاة وأحزاب الحزام الحكومي عن إبداء موقف بشأن ذلك. وكتب رئيس جبهة المستقبل فاتح بوطبيق على منصة إكس ما يفيد بأن تصريحات الرئيس تعرضت للتشويه، قائلاً “في مواجهة حملات التشويه، جاء حوار الرئيس تبون مع لوبينيون، درساً في الصراحة والشجاعة السياسية ووضوح الرؤية، بأسلوب هادئ ومسؤول، أكد مواقف الجزائر الثابتة ورفضها لأي وصاية، فالجزائر دولة قوية، تتعامل بندية واتزان”، فيما وصف رئيس حزب الكرامة المواقف الرافضة لتصريحات تبون بأنها “مزايدة”.

وقال في تقدير موقف إن هناك نوعاً من “المزايدة على الرئيس والاستثمار في هذا التصريح وإخراجه عن صياغة والإساءة للموقف الرسمي للدولة الجزائرية”، مشيراً إلى أن “التطبيع مع الكيان الصهيوني سيكون في نفس يوم قيام الدولة الفلسطينية كاملة، أكيد هو يقصد التعامل بمبدأ الندية، بمعنى دولة على حدود 4 حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *