كتبت: رولا القط
نقاشات داخلية تدور في أروقة الاتحاد الأوربي حول تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، هذا الخبر تسلل عبر العديد من وسائل الإعلام، في مؤشر إلى عمق الخطر الذي بدأت تستشعره دول القارة العجوز، والتي لم تكن طوال السنوات الماضية تتوقع الوصول إلى هذه المواجهة، رغم العمليات الإرهابية والاغتيالات التي قام بها عناصر الحرس الثوري الإيراني في بعض الدول الأوروبية وذلك لأن تلك الأعمال كان يتم تصنيفها كنوع من الأعمال الفردية التي يمكن علاجها ضمن طاولة الحوارات بين الدول.
غير أن السابع من أكتوبر ودخول المليشيا على المعادلة الأمنية رغم اختلاف الجغرافيا التي تتواجد فيها، بات يشكل معادلة غير مسبوقة في العقل الغربي خصوصا وأن أوروبا تعاني من أزماتها الداخلية والتي أبرزها الأزمة الأوكرانية بتداعياتها الثقيلة، والتي ألقت بتبعات اقتصادية كبيرة على القارة، ناهيك عن عوامل النزوح الأوكراني والذي هو ضمن القارة الأوربية ويصعب التعاطي معه على شاكلة أزمات النزوح التي شهدتها القارتين الآسيوية والإفريقية، ناهيك عن طول الحرب الأوكرانية والتي يظهر فيها بعد، أي أفق للحلول.
إشكالية إيران ظهرت في دخولها على خط الأزمة الأوكرانية عبر عوامل السلاح، ومساعدة الروس بهذا الجانب، وإشكالية الحرس الثوري الذي هو الذراع الإيراني الخفي تكمن في تمويل وإعداد الجانب العسكري للمليشيا والتي طالت المصالح الأوروبية في العديد من المناطق، ولعل أبرزها دخول الحوثي كعامل إضافي في تعقيد المشهد الاقتصادي من جانب نظرا لخطورة ما يقوم به على بوابة البحر الأحمر، ناهيك عن الدور الأمني والمخاطر التي يعمل عليها من خلال خلق نوع من الابتزاز ما يعزز فكرة تحدي الإرادة الدولية، وبالتالي تصبح عوامل الأمن والسلم العالمي عرضة للابتزاز مما يثير قلقاً كبيرا بشأن الاستقرار الإقليمي والعالمي. عبر تعطيلها خط الملاحة ما أدى إلى أزمات إنسانية في الدول المنتجة خصوصا في شرق آسيا نظرا إلى أن تعطل التجارة يلحق الأضرار في طبقة واسعة من العمال في الدول الآسيوية التي تعاني من هشاشة اجتماعية في سوق العمل.
فالحرس الثوري يوفر للحوثيين الدعم العسكري، اللوجستي، والتقني، بما في ذلك الأسلحة والتكنولوجيا والتدريب. ويعكس هذا الدعم استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها الإقليمي، مما يجعل الحرس الثوري عاملاً حاسماً في توازن القوى في الصراع اليمني، ومن العراق إلى غزة وصولا إلى لبنان مرورا بسوريا، يتواصل انتقال السلاح والدعم العسكري، الذي يقوم به الحرس الثوري الإيراني بتنسيق الجهود مع حلفائه في لبنان لتعزيز جهوده ونفوذه في المنطقة. هذا التنسيق يعزز من قدرة القوات الحليفة على مواجهة التحديات المشتركة، ويؤكد على استراتيجية إيران في الحفاظ على نفوذها الإقليمي وتعزيز أمنها القومي من خلال هذه المليشيا التي تشكل خطراً على بلدانها أولا، ناهيك عن دورها في استمرار تصدير الفوضى في المنطقة، ومنع قيام عوامل الاستقرار فيها.
تأتي الحوارات الأوروبية الآن بشأن تصنيف الحرس الثوري بحركة إرهابية بعد سنوات من تصنيف أمريكا للحرس الثوري كمنظمة إرهابية، نظرا لأن استقرار الشرق الأوسط هو عامل مهم في الاستقرار العالمي، وبالتالي استمرار نشاط الحرس الثوري بلا رقيب ولا حسيب سيكون له كبير الأثر على عوامل الاستقرار في أوروبا ذاتها، والتي تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى خطورة استهانتها بالدور الذي كانت تقوم به إيران من خلال الحرس الثوري، ودوره المدمر في صناعة المليشيا وتحويلها إلى قوى خراب عالمي.
ليس السلاح فقط هو الكارثة، ولكن يكفي فقط أن يكون حزب الله الشريك الآخر للحرس الثوري، بأنه من أكبر مروجي المخدرات على مستوى العالم، ناهيك عن كثير من العمليات القذرة في مجالات عديدة لا تزال مرتبطة فيها خصوصا وأن القارة الأوروبية أول المستهدفين .