كنت قد تناولت في أكثر من مقال سابق أن الحركة الصهيونية هي علمانية تمردت على الدين. غير أنها استخدمته لتحقيق مخططاتها باستيطان فلسطين بعد الاستيلاء عليها.
من هنا أصبح الدين هو الركيزة والأداة التي من دونها لن تتمكن الحركة من تنفيذ ما خططت له. فعملت على تغليف هذا الدين بالأيديولوجية الصهيونية حتى تتمكن من إضفاء بعد سياسي يضمن استقطاب رجال الدين والعلمانيين بنفس الوقت، وبذلك تكون الحركة قد اصطادت عصفورين بحجر واحد.
وتحت ستار الدين والوعد المزعوم يرتكز المتدينين من الجماعات اليمينية المتطرفة وقادة الأحزاب في دولة الاحتلال ويتخذون ما جاء في “سفر التثنية” صكا لهم “كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان ومن النهر نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تخمكم”. وهذا يفسر عدم وضع دستور لدولة الاحتلال. فهم إلى يومنا هذا لم يحصلوا على تلك الأرض التي وعِدوا بها في كتبهم.
هذا الوعد الذي تحت راياته الزائفة تمت سرقة أرض فلسطين وارتكاب الفظائع فيها. وتحت هذا الوعد لا زالت تلك الدولة تسعى للتوسع. كل هذا يعني بأن المتحكم بهكذا دولة من وراء ستار هم رجال الدين “الحاخامات”.
الحاخامات الذي يفوق نفوذهم نفوذ الوزراء وقادة الجيش بل ويتعدى نفوذهم رئيس الوزراء ورئيس الحكومة. فهذه الدولة هي باختصار دولة حاخامات يمسكون بمقاليد كل شيء في هذه الدولة.ولأن الحاخام يتمتع بحصانة كبيرة من الدولة فقد أصبح فوق المساءلة وفوق القوانين، لذلك نجد الفساد والإرهاب والسطو على أملاك الغير وقد انتشر بينهم دون حسيب.
وجراء ما يتمتع به هؤلاء فإن المدارس الدينية تنتشر في كل مكان وهي موجودة في كل مستوطنة يهودية. ومن المتوقع أن تتحول دولة الاحتلال إلى دولة مستوطنين. وهذا يفسر ما يرتكبه المستوطنون في مدن الضفة الغربية من هجمات واقتحمات وسطو وقتل وتنكيل بالشعب الفلسطيني فيها.
لأن مثل تلك المدارس أفرزت “بن غفير” وغيره من المتطرفين المتدينين . فمن الذي يدفع هذا المتشرد لاقتحام المسجد الأقصى والمطالبة بهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم؟ ومن يدفعه لإطلاق شراذم المستوطنين لتدنيس المسجد الأقصى؟
بل من هو الذي أطلق يد الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني؟ ومن يدفع اليوم “بنيامين نتنياهو” للتمسك بالحرب ورفض إيقافها إلا أولئك المتحكمون من وراء ستار.
إنهم حاخامات الشر الذين يدعون لارتكاب المجازر والإبادة الجماعية المتواصلة بهدف التسريع من خروج قائدهم الأكبر “مسيخهم الدجال” لتحقيق مزاعمهم بالحصول على الخلاص وتحقيق الوعد بأرض ما يسمونها “إسرائيل الكبرى” والتخلص من الوجود العربي الإسلامي.
وهل أدل على هذا الكلام من الرسالة التي وجهها كبار “حاخامات” دولة الاحتلال إلى القادة والتي جاء فيها “لا تهتموا بسكان غزة المدنيين وقت الحرب، عليكم الاعتداء عليهم بكل قسوة، لا تأخذكم بهم رأفة أو شفقة، عليكم فقط حماية مواطنينا وجنودنا”.
ومن المعروف بأنه كان لفتاوى حاخامات الصهيونية الدينية على رأسهم “دوف ليئور” و “شموئيل إلياهو” وغيرهم سببا في تعطيل الهدن الإنسانية ومواصلة حرب الإبادة على أهلنا في القطاع.
كما رفض هؤلاء صفقة تبادل الأسرى مستندين بذلك إلى فقرة من توراتهم جاء فيها ” ولما سمع الكنعاني ملك عراد الساكن في الجنوب أن اليهود قادمون في طريق أتاريم، حاربهم وسبى منهم سبيا، فنذر اليهود نذرا للرب، وقالوا، إن دفعت هؤلاء القوم إلى يدي لنحرقن مدنهم، فسمع الرب لقولهم ودفع الكنعانيين فحرقوهم ومدنهم” والقصد أن اليهود أبادوا الكنعانيين واستردوا أسراهم بالقوة.
وهذا ما يفعله اليوم “بنيامين نتنياهو” يظن أنه بإبادة غزة سيسترد الأسرى.
وقد قال حاخامات الاحتلال في فتاواهم الفاسدة ” إن الطريق الصحيح أمامنا اليوم هو مواصلة الحرب بكل قوتنا دون توقف والسعي لإبادة الفلسطينيين والضغط عليهم قدر الإمكان إلى نقطة فرض السيطرة وحينها سيتم إطلاق سراح جميع الأسرى”.
وبعد هذا كله، هل يؤتمن إلى جانب دولة يتحكم بها حاخامات الشر الفاشية التي تدعو إلى إبادة أهلنا في فلسطين ،بل إبادة المسلمين وإقامة دولتهم التي أوصتهم بها خرافات كتبهم؟
فيا ليت قومي يعلمون!