كان من ضمن المحاور التي غطتها كلمة الناطق العسكري باسم كتائب القسام *أبو عبيدة* يوم الإثنين الموافق ٧/أكتوبر/٢٠٢٤ بمناسبة مرور عام على عملية السابع من أكتوبر، محور أسرى دولة الاحتلال، حيث قال “حرصنا منذ اليوم الأول على حماية الأسرى لدينا والحفاظ عليهم”.
ثم تحدث عن الأوامر التي جاءتهم للحفاظ على حياة هؤلاء الأسرى وخاصة من نيران دولتهم، وأن المخاطر تتعاظم عليهم يوما بعد يوم. وعرج على ما حدث للأسرى الستة في رفح وأنه ربما يتكرر مع آخرين بسبب تعنت “نتنياهو” وحكومته. وأن مصيرهم مرهون بقرار من حكومتهم “ولا نستبعد دخول ملفهم إلى نفق مظلم”.
إشارة إلى أن مصير الستة الذين عُثر على جثثهم في أحد أنفاق رفح. فإذا ظل “نتنياهو” مستمرا في هذه الحرب ،فإن أسرى آخرون ممن هم في قبضة القسام سيلقون نفس مصير الستة، وقد تجدهم دولتهم في أحد الأنفاق ذات يوم.
وهنا أعود كما أحب دائما إلى التاريخ وأحداثه للاستفادة منه ونثبت أن الأسرى لدى حركة حماس هم آخر هم “نتنياهو” وحكومته. والحركة تدرك هذا ولكن أبو عبيدة في كلمته كأنه يقول: قد أعذر من أنذر.
ولنا في حادثة الباخرة “اكسودس” عبرة.
حيث تتلخص قصتها ،بأنه وبعد وصول اللجنة الخبيثة “انسكوب” التي شكلتها الجمعية العامة عام ١٩٤٧ للتحقيق في القضية الفلسطينية إلى فلسطين، حتى وقعت ما تعرف بحادثة الباخرة “اكسودس” التي كانت تحمل على متنها أكثر من ٤٥٠٠ مهاجر يهودي غير شرعي من فرنسا إلى فلسطين بتاريخ ١١/يوليو/١٩٤٧. يقال بأن إحدى المنظمات الصهيونية السرية اشترتها لتكون ضمن الوسائل الأولى لخطة تنفيذ قيام دولة الاحتلال.
ويذكر أن قوة بريطانية مسلحة اعترضت السفينة في عرض البحر واشتبكت مع المهربين اليهود. وسقط خلال ذلك عدد من المهاجرين وجرح العشرات. وكان على إثرها أن تمكنت بريطانيا من نقل من تبقى من المهاجرين إلى ثلاث سفن نحو جزيرة قبرص تمهيدا لإعادتهم من حيث جاءوا.
وهنا فعلت الصهيونية فعلتها حين استغلت الحادثة وقامت بالتقاط أفلام لأولئك المهاجرين الذين وصلوا قبرص. وعرضت تلك الأفلام في دور السينما في الولايات المتحدة لكسب المزيد من التعاطف وخاصة من الشعب الأمريكي.
والمفارقة التي حدثت، أنه عندما عرضت فرنسا تأمين المهاجرين اليهود بملاجئ أمينة، رفض الصهاينة العرض بهدف الاستفادة من قضيتهم وإكمال حملتهم الدعائية.
وهكذا استغلت الحركة حادثة القتل تلك لنشر دعايتهم من أن بريطانيا اعترضت على رسو الباخرة في ميناء حيفا.
وانطلاقا من هنا فنحن أمام حركة ضحت بل تآمرت على يهودها بهدف كسب التعاطف العالمي من جهة، ومن جهة أخرى كسب أعضاء لجنة التحقيق لتأييد مطالبها عن طريق استجداء تعاطفها على أولئك المشردين في قبرص وفي الوقت نفسه تخويف اللجنة بالإرهاب.
وانطلاقا مما ذكرنا فإن “نتنياهو” سيضع بعد كلمة أبو عبيدة في الأذن الأولى طين وفي الثانية عجين فالمجرب لا يجرب ولنا في تلك الحادثة وغيرها الكثير من العبر..فهو غير مبال بأسراه مع أن تحريرهم على حد زعمه كان من الأهداف التي كان قد وضعها في بداية حربه على غزة.
غير أننا رأيناه كيف كان ولا زال يتعنت في مسألة المفاوضات التي تدعو لوقف إطلاق النار. وكيف أنه أفشل صفقات التبادل مع المقاومة الفلسطينية. وهو يطيل الحرب مثلما يقول معارضيه لإنقاذ مستقبله السياسي، وكي لا تسقط حكومته.
وربما يكون “نتنياهو” هو اللعنة التي تسعى إلى إنهاء دولة الاحتلال بانفتاح شهيته على التوسع وقضم المزيد من الأرض وضمها إلى رقعة دولته. أما الأسرى فليذهبوا إلى الجحيم كما ذهب مهاجري “اكسودس” قبل عقود.