لم يسلم معظم الرؤساء الأمريكيين الذين قاموا بتقديم مساعدات سخية لدولة الاحتلال من تهمة اللاسامية والتقصير.
وأقرب مثال ما حصل مع “ريتشارد نيكسون” الذي خسر معركته مع “كيندي” في انتخابات عام ١٩٦٠ لأسباب أبرزها أن الصهاينة قاموا بحجب أصوات اليهود عنه بعد اتهامه باللاسامية. وكان ذلك في إعلان نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
وبعد هذه الصفعة كان “نيكسون” قد استوعب درس الصهاينة جيدا. فما كان منه إلا أن عيّن اليهودي “هنري كيسنجر” وزيرا للخارجية على الرغم من أن الأخير لم يولد في أمريكا.
ويُذكر أن “كيسنجر” كافأه حين أخذ يصفه ساخرا، بأنه “ركع ضارعا إلى الله في مكتبه في البيت الأبيض عشية استقالته من الرئاسة بسبب فضيحة ووترغيت عام ١٩٦٨”. وهي أكبر فضيحة سياسية في تاريخ أمريكا.
والأمثلة كثيرة، فالرئيس “كارتر” الذي خدم دولة الاحتلال بشهادة اليهود أنفسهم، سقط في انتخابات الإعادة، بعد أن اعتبره الجناح الصهيوني في أميركا العدو الأول ل “إسرائيل”.
واليوم وبعد الهدنة في غزة بين حركة حماس ودولة الاحتلال وبعد اعتلاء “دونالد ترامب” سدة الحكم، نشرت مواقع في الإعلام العبري عبارات شكر تحمل رائحة السخرية والاستنكار من الرئيس السابق “جو بايدن”. ومن هذه العبارات “أشكركم على أن الولايات المتحدة تحت حكمكم أصبحت واحدة من أكثر الأماكن المعادية للسامية”.
ومنها أيضا “أشكركم على منع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بما في ذلك الأسلحة الهجومية والقذائف والقنابل الموضوعة على طائراتنا”.
وقد خُتمت هذه العبارات بهذه العبارة “أنت صديق حقيقي و صهيوني حقيقي. والحمد لله تخلصنا منك ومن إدارتك التقدمية والمريضة. ستظل فترة ولايتك نقطة سوداء في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأمريكية”.
أما الحقيقة فهي أن “بايدن” في السابع من أكتوبر/٢٠٢٣ صرح قائلا “نقف إلى جانب إسرائيل ولن نتوقف عن دعمها”.
كما أكد بأن “دعم أمريكا لإسرائيل “صلب كالصخر” و “راسخ” بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس”.
وقد أيّد بشدة “حق” الدولة الظالمة في الدفاع عن نفسها، ووصم حماس بالإرهابية، حيث قال في السابع من أكتوبر ” اليوم يتعرض شعب إسرائيل لهجوم من منظمة إرهابية هي حماس، في هذه اللحظة المأساوية أود أن أقول لها وللإرهابيين في كل مكان أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ولن نخفق أبدا في دعمهم”.
وهذا ال “بايدن” الذي يصفه الصهاينة أحبابه بعد كل ما قام به من أجل أن تظل دولتهم واقفة على قدميها، بأن ولايته نقطة سوداء في تاريخ علاقتهم بأمريكا، قدم لهم خدمات لم تُقدم من قبل، فقد حشد فِرقه لضمان حصول دولة الاحتلال على كل ما تحتاج إليه. فبعد ساعات من العدوان الصهيوني على غزة، بدأت الولايات المتحدة بإرسال سفن وطائرات حربية إلى المنطقة. وكثفت وزارة الدفاع الأمريكية”البنتاغون” شحن المساعدات العسكرية بمليارات الدولارات.
وفي ذكرى السابع من أكتوبر/٢٠٢٤، نشرت “تايمز أوف إسرائيل” نقلا عن تقرير لمشروع تكاليف الحرب التابع لجامعة براون الأمريكية، أن الولايات المتحدة أنفقت رقما قياسيا لا يقل عن ١٧,٩ مليار دولار على المساعدات العسكرية ل “إسرائيل” خلال عام منذ طوفان الأقصى. ووصف التقرير بأنه أكبر قدر من المساعدات العسكرية المرسلة إلى “إسرائيل” في عام واحد.
وظل مخلصا لهم حتى أنه أنهى أيامه الأخيرة بدعم غير مشروط، متجاهلا كل القيم الإنسانية التي طالما ادعى الدفاع عنها. فقد قام بتسليم مساعدات عسكرية جديدة للدولة المجرمة تقدر قيمتها ب ٨ مليار دولار.
واليوم وبعد كل ما قدمه الصهيوني “جو بايدن” لهم حتى أنه أصبح الشريك الأكبر في الإبادة الجماعية التي ارتكبتها عصاباتهم في غزة، إلا أنهم وكما هي عادتهم يعضون اليد التي امتدت إليهم، فقد أنكروه واحتقروه وودعوه ببصقة كبيرة على جبينه، وأودعوه مزبلة التاريخ…