المحامي السابق مايكل كوهين لدى مغادرة منزله متوجهاً الى محكمة نيويورك (أ.ب)

دخلت محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الاثنين، منعطفاً حاسماً مع تأكيد محاميه السابق مايكل كوهين أمام المحكمة أنهما تآمرا مع آخرين لطمس القصص المؤذية لحملة ترمب الرئاسية عام 2016 من خلال دفعات مالية شملت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز وعارضة الأزياء السابقة لدى مجلة «بلاي بوي» كارين ماكدوغال، لقاء سكوتهما عن علاقات غير مرغوبة مع ترمب.

وبشهادة كوهين، الذي يعتبر «الشاهد الملك» في القضية التي صارت تعرف بـ«أموال الصمت»، أمام القاضي المشرف على القضية خوان ميرشان وهيئة المحلفين المؤلفة من 12 شخصاً و6 بدلاء في محكمة جنايات نيويورك، وصلت إلى الذروة محاكمة ترمب، الذي بات أول رئيس أميركي سابق يواجه محاكمة تتضمن 34 تهمة جنائية تتمحور حول تزوير سجلات تجارية لإخفاء دفع 130 ألف دولار لدانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، عبر كوهين خلال فترة حاسمة من انتخابات 2016 التي أوصلت ترمب إلى البيت الأبيض، ويصفه الادعاء بأنه محاولة للتأثير بشكل غير قانوني على السباق ضد المرشحة عن الحزب الديمقراطي عامذاك وزيرة الخارجية سابقاً هيلاري كلينتون.

وطبقاً للقرار الاتهامي الذي أصدره المدعي العام في مانهاتن، يعد كوهين إلى حد بعيد الشاهد الأكثر أهمية في هذه المحاكمة، نظراً إلى أنه كان محامي ترمب قبل أن يصير عدوه اللدود، وهو الذي دفع المبلغ لدانيالز ثم استعاده من ترمب. ويشير مثوله إلى أن المحاكمة تدخل مرحلتها النهائية. وأكد ممثلو الادعاء أنهم ربما ينتهون من تقديم الأدلة بحلول نهاية الأسبوع الحالي.

لم يدفع الفاتورة

وخلال استجوابه، عرض كوهين (57 عاماً) لعلاقته مع ترمب وتركه وظيفته في مكتب للمحاماة من أجل الانضمام إلى شركة «منظمة ترمب» العقارية في نيويورك عام 2007. وأفاد بأن ترمب عرض عليه وظيفة، بعدما قدم له فاتورة بقيمة 100 ألف دولار. وقال كوهين: «أتشرف. فاجأتني. ووافقت»، مضيفاً أن ترمب لم يدفع تلك الفاتورة قط. ورأى أنه من المنصف وصف دوره كمصلح لترمب، لأنه كان يعتني بكل ما يريده». وبدلاً من العمل محامياً تقليدياً للشركات، كان كوهين يقدم تقاريره مباشرة إلى ترمب ليصير أبرز المدافعين عنه من أجل حمايته من القصص الضارة، ولم يكن قط جزءاً من مكتب المستشار العام لمنظمة ترمب. وأوضح أن من مهماته إعادة التفاوض على مشروعات يقدمها شركاء الأعمال، والتهديد بمقاضاة الأشخاص، ونشر قصص إيجابية في الصحافة. وأكد أن ترمب كان يتواصل في المقام الأول عبر الهاتف أو شخصياً ولم ينشئ عنوان بريد إلكتروني على الإطلاق. وقال: «كان (ترمب) يعلق بأن رسائل البريد الإلكتروني تشبه الأوراق المكتوبة، وأنه يعرف الكثير من الأشخاص الذين سقطوا كنتيجة مباشرة لوجود رسائل بريد إلكتروني يمكن للمدعين العامين استخدامها في قضية ما».

خيوط المؤامرة

وبينما جلس ترمب مسترخياً على كرسيه وعيناه مغمضتان طوال هذه الشهادة، أفاد كوهين أمام هيئة المحلفين بأنه تآمر مع ترمب وناشر صحيفة «ناشونال إنكوايرير» الشعبية ديفيد بيكر لقمع القصص السلبية التي يمكن أن تضر بحملته الانتخابية لعام 2016، موضحاً أنه علم من الصحيفة الشعبية في يونيو (حزيران) 2016، أي قبل شهر من انعقاد المؤتمر العام للحزب الجمهوري، أن ماكدوغال كانت تسوق لقصة عن علاقة أقامتها لمدة عام مع ترمب. ونقل عن ترمب عبارة «تأكدوا من عدم نشر» الخبر. وادعى أن ترمب وبيكر اتفقا بالفعل على استخدام صحيفة «ناشونال إنكوايرير» لتعزيز ترشيح ترمب للرئاسة مع قمع أي قصص سلبية يمكن أن تضر بفرصه. ووصف كوهين مكالمة هاتفية أخبر فيها بيكر ترمب أن الصحيفة ستحتاج إلى دفع 150 ألف دولار لتأمين شراء قصة ماكدوغال. وأضاف كوهين: «رد عليه ترمب: لا مشكلة، سأهتم بالأمر».

وشهد بيكر سابقاً في المحاكمة حول دوره في الحصول على قصة ماكدوغال ضمن ما يسمى مخطط «القبض والقتل»، التي تقتضي دفع أموال لشراء مثل هذه القصص السلبية من أجل ضمان عدم نشرها.

وانتهت علاقة كوهين بترمب بعد بدء ولايته الرئاسية عام 2017 عنه عندما ركز المدعون الفيدراليون الذين يحققون في حملة ترمب الرئاسية لعام 2016 على كوهين.

اعترافات كوهين

واعترف كوهين بالذنب عام 2018 بانتهاك قانون تمويل الحملات الفيدرالية من خلال دفع أموال لدانيالز. وشهد بأن ترمب أمره بدفع المبلغ. ولم يتهم المدعون الفيدراليون ترمب بأي جريمة عامذاك.

ويقول وكلاء الدفاع عن ترمب إن كوهين تصرف من تلقاء نفسه عندما دفع لدانيالز، في محاولة لإبعاد ترمب عن القضية.

واعترف كوهين بالكذب تحت القسم مرات عدة، مما وفّر مادة كبيرة للدفاع لتقويض صدقيته. واعترف بالكذب على الكونغرس عام 2017 في شأن مشروع عقاري لمنظمة ترمب في موسكو، لكنه يؤكد منذ ذلك الحين أنه فعل ذلك لحماية ترمب. كما اعترف بأنه مذنب في انتهاك قانون الضرائب عام 2018، لكنه يدعي الآن أنه لم يرتكب تلك الجريمة.

وكان ترمب قد وصل صباحاً إلى قاعة المحكمة، الاثنين، برفقة العديد من المشرعين الجمهوريين، وبينهم السيناتوران جيمس ديفيد فانس وتومي توبرفيل والنائبة نيكول ماليوتاكيس.

وأجرى وكلاء الدفاع عن ترمب استجواباً مؤلماً لكوهين. وأخبروا المحلفين خلال البيانات الافتتاحية أن الوسيط الذي تحول إلى عدو هو «كاذب معترف به» ولديه «هوس بالنيل من الرئيس ترمب».

وقال وكيل الدفاع عن ترمب المحامي تود بلانش إن كوهين «تحدث بشكل مكثّف عن رغبته في رؤية الرئيس ترمب يذهب إلى السجن. تحدث بشكل مكثف عن رغبته في رؤية عائلة الرئيس ترمب تذهب إلى السجن. تحدث باستفاضة عن إدانة الرئيس ترمب في هذه القضية».

وتعقد هذه المحاكمة قبل أقل من 6 أشهر من الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) حين يتواجه ترمب مع الرئيس الديمقراطي جو بايدن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *