كتبت نيرمين البحطيطي   

  رئيس مجلس أمناء مؤسسة حياة للتنمية والدمج المجتمعي / أستشاري تأهيل ودمج

عندما نتحدث عن مدن ومجتمعات محلية سليمة، فإننا نشير إلى بيئات تعيش فيها الناس بسلام واستقرار، حيث يتمتعون بجودة حياة عالية وتوفر الفرص المتساوية للجميع. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاوناً وجهوداً مشتركة من قبل الحكومات المحلية والمجتمع المدني والأفراد على حد سواء.

وهي  أمراً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي.

فهي توفر بيئة تشجيعية للابتكار والابتكار وتعزز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

ونتحدث هنا عن بعض السمات الرئيسية التي تميز المدن والمجتمعات السليمة .

1 – التنمية المستدامة:

تعتمد المدن السليمة على استخدام الموارد بشكل مستدام، مع توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية لجميع سكانها دون التضحية بحقوق الأجيال القادمة.

2 – المشاركة المدنية:

يشعر الأفراد في المدن السليمة بأن لديهم صوتًا في صنع القرار وأنهم جزء لا يتجزأ من تشكيل المجتمع. تشجع هذه المدن على المشاركة الفعّالة والديمقراطية وتعزز الحوار المفتوح بين مختلف شرائح المجتمع.

3 – التعاون الاجتماعي:

تتميز المدن السليمة بروح التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع، حيث يعملون معًا على حل المشكلات المحلية ودعم بعضهم البعض في الظروف الصعبة.

4 – البنية التحتية الجيدة:

تضمن المدن السليمة وجود بنية تحتية متطورة تشمل الطرق والمواصلات والمرافق الصحية والتعليمية، مما يسهم في رفع مستوى الحياة وتحسين الظروف المعيشية.

5 – الثقافة والتراث:

تحتفظ المدن السليمة بتراثها الثقافي وتعزز التنوع الثقافي واللغوي، مما يسهم في بناء هوية المجتمع وتعزيز الانتماء له.

6 – الأمن والسلامة:

توفر المدن السليمة بيئة آمنة ومستقرة لسكانها، حيث يشعرون بالأمان والحماية من الجريمة والتهديدات الخارجية.

وعادة  يمثل بناء مدن و مجتمعات  محلية  سليمة  تحدياً شاملاً يتطلب التزاماً وتعاوناً من جميع الأطراف المعنية  .

فالمجتمع المحلي الصحّي هو كلٌّ متكامل أكبر من مجموع أجزائه. هو مكان يعتني الأشخاص فيه بعضهم ببعض، وحيث يختلط أشخاص من خلفيات متنوعة بارتياح ويعملون معاً لمصلحة مجتمعهم. باختصار، المجتمع المحلي الصحّي هو مكان تؤمَّن فيه لكافّة المواطنين نوعيّةٌ حياة لائقة، على الأصعدة الاقتصادية والمادّية والبيئية والاجتماعيّة والسياسيّة ويشجّع الشبكات الاجتماعية، ويؤمّن أمكنة قد يتلاقى فيها الناس من كافّة أنحاء المجتمع المعني، ويرعى العائلات والأطفال، ويقدّم تعليماً شاملاً وخدمات أخرى، ويسعى لتعزيز السلوك الصحّي غير العنفي، ويدعو إلى التآلف والتفاعل بين المجموعات المتنوعة التي تكوّن المجتمع المحلي، ويعامل كافّة المجموعات والأفراد باحترام.

ولتحليل السياق  في ظل ازمة عدم تقبل اللاجئين في المجتمعات المضيفة ( مصر نموذجا ) والمنتشرة حاليا حيث تمثل تحديًا كبيرًا يؤثر على بناء العلاقات الصحية في المدن السليمة.

 فمجتمع اللاجئين  يبحثون عن مأوى آمن وفرصة لإعادة بناء حياتهم في المجتمعات التي يلجؤون إليها، ولكن غالبًا ما يواجهون صعوبات وتحديات في التكيف والتكامل مع المجتمع المضيف.

ومع الوضع في الأعتبار  أن ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، قد أكدا مبدأ تمتع جميع البشر دون تمييز بالحقوق والحريات الأساسية.
وحيث ان مصر هي إحدى الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لعام 1969 والتي تحكم الجوانب المحددة لمسائل اللاجئين  .

فأن أحد أهم العوامل التي تؤثر على قبول اللاجئين في المجتمعات المضيفة هو الخوف من المجهول والتهديد المحتمل للثقافة والهوية الوطنية.
 يمكن أن تؤدي هذه الخوف إلى تشكيل تصورات سلبية وتمييز ضد اللاجئين، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى عزلهم اجتماعياً وانعدام الانتماء للمجتمع المضيف مما يؤثر علي اندماجهم المجتمعي وتزايد مشاعر الرفض لهم داخل المجتمع المضيف  .

علاوة على ذلك، قد تزيد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بوجود اللاجئين عن القدرة الاستيعابية للمجتمعات المضيفة، مما يؤدي إلى توترات وصراعات داخلية. هذا يمكن أن يؤثر سلباً ايضا على العلاقات الاجتماعية ويعرقل بناء الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع.

ومع ذلك، يمكن أن تكون مشكلة عدم قبول اللاجئين فرصة لبناء علاقات صحية في المدن السليمة إذا تم التعامل معها بشكل فعّال. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

1 – تعزيز التواصل والتفاهم:

يجب تشجيع الحوار المفتوح والتواصل بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك اللاجئين والسكان المحليين، لتعزيز الفهم المتبادل والتقارب بين الثقافات.

2- تعزيز الاندماج الاجتماعي:

يجب تقديم الدعم اللازم للمجتمعات المضيفة واللاجئين للمساعدة في عملية التكيف والاندماج، بما في ذلك توفير الدعم الاجتماعي والتعليم والفرص الاقتصادية.

3 – مكافحة التمييز وتعزيز العدالة:

يجب اتخاذ إجراءات فعّالة لمكافحة التمييز والتحريض ضد اللاجئين، وضمان حقوقهم المدنية والإنسانية.

4 – تعزيز الشمولية والمشاركة المدنية:

يجب تشجيع مشاركة اللاجئين في الحياة المدنية والسياسية لتعزيز الشمولية وبناء مجتمعات أكثر ديمقراطية ومتساوية.

يمكن أن تكون مشكلة عدم قبول اللاجئين فرصة لتحسين العلاقات في المدن السليمة إذا تم التعامل معها بشكل شامل ومتعدد الأبعاد وبمشاركة جميع فئات المجتمع.

إن الاستثمار في تطوير البشر يسبق الأستثمار في البنية التحتية، وتعزيز المشاركة المدنية بين كافة اطياف المجتمع بما فيهم مجتمع اللاجئين يمثل الطريق نحو خلق مدن امنة  وعادلة  ومستدامة  أفضل للجميع .

By نيرمين البحطيطى

المدير التنفيذي لمؤسسة حياة للتنمية http://lfdci.org/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *