المظاهرة الحاشدة الداعمة للشعب الفلسطيني فى واشنطن

كتب: أحمد رضا نيفة

سؤال مُحير يتسائل به الكثيرون ..العرب و غير العرب ! وكلنا تسألناه بيننا وبين انفسنا منذ كنا صغاراً. لماذا هذا التبنى الامريكى المطلق لاسرائيل؟ ولماذا امريكا تشجع اسرائيل وتدعمها عمياني؟ وبرغم كل الفظائع  التي تفعلها اسرائيل والاعمال المنافية لأبسط قواعد القانون الدولي وحتى القيم الانسانية والمبادئ الاخلاقية !

خلال حضوري هذه الفاعلية في واشنطن ، وهي المظاهرة الحاشدة الداعمة للشعب الفلسطيني والرافضة لحرب الإبادة الاسرائيلية على غزة ، قررت ان أسال هذا السؤال لعدد من المواطنين الامريكيين الحاضرين لهذه المظاهرة ، وهم مما لا شك فيه أشخاص متعاطفين مع القضية الفلسطينية وعندهم وعي لهذا الموضوع. سألتهم هذا السؤال لأفهم كيف يفكر الامريكيون؟ وهم مواطنون عاديون لكن لديهم وعي وفهم.

 كان أعمق هذه الأحاديث هو مع السيدة/ شيرن التي تعمل كمدرسة وهي مواطنة عادية ليست سياسية ولا خبيرة ،لكن لها فهم كبير و أوجزت لي رؤيتها.. أن هناك عدة أسباب لهذا التبني:

أولامعظم الامريكيين لا يعرفون الكثير عن الشرق الأوسط بشكل عام.

ثانياضغط المال السياسي لليهود

الأثرياء الذين يدعمون السياسيين الامريكيين المؤيدين لاسرائيل.

ثالثا: التعاطف الديني للكنيسة  الانجيلية “إيفان جيليكال” عندهم المعتقد الديني ، أن المسيح الذي بعث في بني اسرائيل، سوف يبعث مُجددا في البعث الثاني في آخر الحياة ولكن يلزم وجود اليهود في كل اسرائيل حتى يحدث ذلك ،  لذلك يستميتون في الدفاع عن اسرائيل حتى تبقى مستقرة وبالتالي تتحقق النبوءة او المعتقد الديني أن يُبعث المسيح من جديد لانه بدون ذلك لن يكون هناك بعث ثاني للمسيح! وهم بالمناسبة من يساندون ترامب! إذن المسألة لها جذور دينية لأتباع الكنيسة الإنجيلية.

ولكن في حديثي لم يكن هذا مقنعاً لي ففي امريكا الاف الكنائس والامريكان بطبيعتهم ليسوا متدينين بهذا الشكل ، وحتى لو كان هناك شريحه متدينة فماذا عن الدول الاجنبية الاخرى! كندا وأوروبا عندهم نفس الكنائس ونفس المذاهب لكن لا يوجد هذا التحيز الأعمى لاسرائيل ! 

وعندما سألت سيناتور امريكي لماذا هذا الدعم الامريكي؟ رد بان سبب ذلك هو هجوم حماس فرددت عليه ، انه حتى اذا كان هجوما ارهابيا في البدايه من حماس هل هذا يبرر استمرار قتل الالاف والحصار وقصف المنازل والمستشفيات وسيارات الاسعاف والتدمير للمدنيين؟

أيدتني السيده شيرن وأضافت ولا غذاء والماء ولا كهرباء !

وتسائلت هل إذا افترضنا أن مجرماً أتى وقتل أفرداً من اسرتي! هل يبرر لي ذلك ان اذهب لاقتل كل مدينته! أبدا هذا لا يبرر! وأرى ان امريكا تخسر بسبب ذلك لانها تكون مكروهة في العالم ، حيث يرى العالم امريكا تدعم المجرم وهي بذلك تكون خسرانة وتكون مستهدفة ويكون الامريكان مستهدفين في اماكن كثيره من العالم. الدول الاخرى لو قلنا اوروبا أو كندا على الأقل في موقف شبه حيادي لا يؤيدون الحق الفلسطينيي بالشكل المطلوب ، ولكنهم على الاقل ليس بهذا التحيز لاسرائيل.

فأنا لو كنت رئيسا لامريكا وأسعى فقط لمصلحة شعبي الامريكي من منطق نفعي بحت، لن افعل ذلك ! لن أدعم المجرم وأدفع له المال ، واخذ مال من جيوب دافعي الضرائب الامريكيين لذلك ، وشعبي يكون مكروها ومستهدفاً وغير امناً في اماكن كثيرة ، وسمعة بلدي سيئة. ما النفع الذي يعود على شعبي في ذلك؟

ترى شيرن ان السياسيين الامريكيين لا يهتمون او يفكرون في ذلك ، ما يهمهم أن ينجحوا في الانتخابات ويحتاجون المال من أجل الانتخابات ، والمال ياتي من جهات عديده بعضه طبعا مال فاسد وياتي من اليهود الاترياء الذين يدعمون السياسيين الذين يؤيدون مصالحهم وافكارهم إذن هي جماعات ضغط.

وعندما سألت شيرن عن رفض امريكا جميع مشروعات قرارات مجلس الامن لوقف اطلاق النار التي عُرضت،  وقبلتها جميع دول العالم او على الأقل امتنعوا عن التصويت إلا امريكا ، نقضت جميع مشروعات القرارات بفيتو ،تساءلت ..ولماذا امريكا ترفض وقف اطلاق النار! من الذي يرفض وقف حرب؟ ويتمنى استمرار القتل والإبادة !

 البعض يقول.. ان جو بايدن أو الرئيس ليس الحاكم الفعلي لامريكا وهناك قوى اخرى، ايضا هذا الكلام غير مُقنع لي! فمثلا ألا يستطيع بايدن ان يوجه مندوب امريكا بمجلس الامن للامتناع عن التصويت! بالتاكيد هو يملك ذلك و بالتاكيد ان مندوب امريكا  ليس صانع القرار، هو يحصل على التعليمات من إدارته. بالتاكيد بايدن يستطيع ان وقف الحرب وبإمكانه ان يفعل، لماذا لا يفعل ذلك ! مفترض انه رجل محترم و وعلى خُلق و سمعه طيبة وله خبرة بالسياسه ومتزن، لا افهم هل هو شرير لهذه الدرجة ! ليس له قلب ولا عاطفة وهو يرى مشاهد القتل والتدمير على الشاشات واليوتيوب لا اعتقد ذلك ، اذن هناك حلقة مفقودة يعني لماذا استمرار التحيز الاعمى لاسرائيل؟

تقول شيرن أن الدعم المالي الهائل  الذي ياتي بايدن والسياسيين الامريكيين من اليهود هو العامل الفارق له. واذا جاء ترامب سيكون أسوأ ١٠ مرات لكني قلت  لها المسألة ليست في بايدن ولا ترامب كل الساسة الامريكيين وكل الرؤساء كان هذا موقفهم ، منذ تأسيس اسرائيل كل الرؤساء كذلك ..كلهم ..لا أحد يفهم لماذا.

سبباً رابعاً:  تراه شيرن.. ان هناك ايضا.. التعاطف التاريخي مع اليهود منذ احداث الهولوكوست قبل حتى  ١٩٤٨، أحداث الهولوكوست جعلت الشعب الامريكي كله يتعاطف مع اليهود وما تعرضوا له من محارق على يد النازي. تقول أنا مثلا درست هذه الاحداث كمدرسة وشخص مثل بايدن يتذكر وهو طفل صغير بعض هذه الأحداث التي ولّدت هذا التعاطف لنا مع اليهود ، نحن ضد معاداة السامية بالتأكيد واليهود هم جزء من مجتمعنا هم يعيشون بينهم اصدقائنا وجيرانا وجزء مننا ليسوا جزءا حديثا وافداً ، هم منخرطين فينا،  بينما شعور الامريكيين أن المسلمين ليسوا جزء من شعبنا ، ومنذ أحداث الهولوكوست والتعاطف مع اليهود أصبح جزء من العقل الجمعي للشعب الامريكي.

فكان ردي أننا طبعا ضد الهولوكوست وضد كل القتل كل انواعه ولكن ما نراه الان هو ايضا هولوكوست جديدة ، فقتل الأطفال والأبرياء والمدنيين وتدمير المنازل وقصف المستشفيات والاسعاف والأبرياء هذا ايضا مرفوض ولا يمكن قبوله، وتوافقني شيري تماما في ذلك وتضيف ان التوراه تقول العين بالعين.. والسن بالسن..

العهد القديم كان يقول انه اذا قتلت بقرتي فأنا لي أن أقتل زوجتك وأبنائك واحرق بيتك وحتى ماشيتك.. ولكن النبي موسى جاء وقال لا .. العين بالعين ، لكنهم نسوا ذلك الآن !.. لم يعد العين بالعين ، فاذا قتلت لي ١٢٠٠فأنا لي أن اقتل لك ٢٦ الف ، وأحرق منازلك وأمنع عنك الماء والغذاء وأنفذ إبادة جماعية كامله ضدك.

حتى الإعلام الامريكي ومحطات التلفزيون كله إعلام في اتجاه واحد دعم اسرائيل فقط ويتوقف عند اظهار مشاهد ما حدث في ٧ اكتوبر، ولا يظهر ما يحدث الآن في غزة. هو إعلام متحيز جداً ، يمكن قناه CNN هي الوحيدة التي تظهر بعض مشاهد غزة. 

تؤكد شيري ان هناك تغييرا ملحوظا الان في امريكا للراي العام يقوده الشباب والمهاجرين ، هؤلاء بدأوا يقولون.. انتظروا قليلا هناك خطأ يحدث ! الوعي زاد وهناك تغير حقيقي لكن ليس بالسرعه المطلوبة او الكافية ، الإعلام الجديد أو البديل مثل إذاعة “الديمقراطية الآن Democracy Now” ومحطة “تروث Truthout” هي قنوات فيها حيادية وتظهر الحقيقة ، عكس الاعلام التقليدي المتحيز ايضا بعض الكتاب في التايمز يحاولون ان يكونوا منصفين وهناك بدائل جيدة.

في النهاية الجميع يتمنى.. ان يحدث حل عادل لرفع الظلم عن القضية الفلسطينية وإحلال السلام وإنشاء حل الدولتين و إجلاء اسرائيل عن فلسطين.. عن الضفه وغزه ،والسماح بدولة فلسطينية مستقلة لها كامل الحقوق هذا ما نتمناه جميعا من اجل ان يعيش الجميع في سلام وخير.

 

By أحمد رضا

https://youtube.com/@user-pj7ly4ti4p?si=Gsd96x0vQWAtWA30 مهندس و مفكر سياسي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *